وكان من هؤلاء الأشراف الذين وخزهم ضميرهم أشخاص ذوو نفوذ كميرابو الأب والإبن، ولاروشغوكو-لينانكور، ولافاييت، والفيكونت لوي-ماري دنواي، و "فيليب إيجليته"(مساواة)، والدوق أورليان؛ ثم لنذكر المعونة والمساواة اللتين قدمهما لروسو المرشال لكسبورج ولوي فرانسوا البوربوني أمير كونتي. وقد قادت الأقلية اللبرالاية التي حفزتها غارات الفلاحين على الملكة الإقطاعية لقاء تعويضات (٤ أغسطس ١٧٨٩). لا بل إن الأسرة المالكة تأثرت بالأفكار شبه الجمهورية التي أعان الفلاسفة على نشرها. وكان أبو لويس السادس عشر يحفظ عن ظهر قلب فقرات كثيرة من كتاب مونتسكيو "روح القوانين"، وقد قرأ كتاب روسو "العقد الاجتماعي" وحكم بأنه "سليم إلى حد كبير" فيما خلا نقده للمسيحية. وعلم أبناءه (الذين أصبح ثلاثة منهم ملوكاً) أن "أسباب الامتياز التي تحظون بها لم تعطكم إياها الطبيعة، التي خلقت الناس كلهم سواسية"(١٣١). واعترف لويس السادس عشر في مواسيمه بـ "القانون الطبيعي" و "حقوق الإنسان"(١٣٢). المترتبة على طبيعة الإنسان بوصفه كائناً عاقلاً.
وأضافت الثورة الأمريكية مزيداً من المكانة والقدر للأفكار الجمهورية. ولقد استمدت تلك الثورة هي أيضاً قوتها من وقائع الحال الاقتصادية كنظام الضرائب والتجارة، وكان "إعلان استقلالها" مديناً للمفكرين الإنجليز دينه للمفكرين الفرنسيين، ولكن لوحظ أن واشنطن، وفرانكلين وجفرسن، قد تهيأوا لقبول الفكر الحر بفضل جماعة الفلاسفة الفرنسيين. وعن طريق أولئك الأبناء الأمريكيين للتنوير الفرنسي، تدرجت النظريات الجمهورية حتى تمثلت حكومة ظافرة في السلاح، يعترف بها ملك فرنسي، وتمضي في إرساء يدين ببعض الفضل لمونتسكيو.
ولقد مرت الثورة الفرنسية بثلاث مراحل. ففي الأولى حاول النبلاء عن طريق البرلمانات، أن يستردوا من الملكية ذلك السلطان الذي انتزعه منهم لويس الرابع عشر، وهؤلاء النبلاء لم يستلهموا جماعة الفلاسفة. وفي