إقليم برنتي "نادي برتن"، ولم يلبث النادي أن وسع عضويته فشملت غير البرنتيين كميرابو الإبن، وسييس، وبروبسبير. وفي أكتوبر ١٧٨٩ نقل مقره إلى باريس، وأصبح "جمعية اليعاقبة".
وهكذا تضافرت عشرات القوى المتنوعة لأحداث الثورة الفرنسية، وهو ما يحدث في معظم الأحداث البالغة الأهمية في التاريخ. وكان من العوامل الأساسية نمو الطبقات الوسطى عدداً وتعليماً وطموحاً وثراء وسلطاناً اقتصادياً، ومطالبتها بوضع سياسي واجتماعي يتناسب وإسهامها في حياة الأمة ومالية الدولة، وخشيتها من أن تجعل الخزانة سنداتها الحكومية عديمة القيمة بإعلانها الإفلاس. ومما لحق بهذا العامل واستخدامه مساعداً ومهدداً فقر ملايين الفلاحين الذين يستصرخون طلباً للتخفيف من الرسوم والشرائب والعشور، ورخاء عدة ملايين من الفلاحين لهم من القوة ما يكفي لتحدي الإقطاعيين وجباة الضرائب والأساقفة وأفواج الجند، والسخط المنظم الذي استشعرته جماهير المدن التي عانت من التلاعب في إمدادات الخبز، ومن تخلف الأجور عن الأسعار في التصاعد التاريخي للتضخم.
أضف إلى هذا أشتاتاً متشابكة من العوامل المساعدة: إسراف البلاط المكلف، وعجز الحكومة وفسادها، وإضعاف الملكية نتيجة لصراعها الطويل مع البرلمانات وطبقة النبلاء، وانعدام المؤسسات السياسية التي يمكن عن طريقها التعبير عن المظالم على نحو قانوني وبناء، ومستويات الإدارة الرفيعة التي يتوقعها مواطنون شحذت عقولهم المدارس والكتب والصالونات والعلم والفلسفة وحركة التنوير أكثر من أي شعب من الشعوب المعاصرة. هذا فضلاً عن انهيار الرقابة على المطبوعات أيام لويس السادس عشر، وبث أفكار الإصلاح أو الأفكار الثورية على يد فولتير، وروسو، وديدرو، ودالامبير، ودولباخ وهلفتيوس، وموريلليه، وموريللي، ومابلي، ولنجيه، ميرابو الأب، وطورجو، وكوندورسيه، وبومارشيه، وميرابو الإبن، ومئات غير هؤلاء من الكتاب الذين لم يكن لهم قط نظير من قبل عدداً وألمعية وقوة، والذين تغلغلت دعوتهم في كل طبقة باستثناء