تدخل البابا في شؤونه. كما أن رغبة الملك الإنجليزي هنري الثامن في طلاق زوجته، كانت أحد العوامل في تبنيه منهجا إصلاحيا وخروجه على البابا، لكن الباحثين في التاريخ الأوروبي يغفلون أو يشيرون على استحياء إلى حركة إصلاحية دينية من نوع آخر زامنت وواكبت حركة مارتن لوثر، تلك هي حركة الموحدين Unitarians أو المناهضين للتثليث.
ولقد حظي هؤلاء الموحدون باتهامات من الكاثوليك والبروتستنت معا. وحركة الموحِّدين الأوروبيين تلك حركة دينية خالصة، وإصلاح ديني خالص لم تختلط فيها الأطماع السياسية والاقتصادية والاجتماعية. بدليل أن هذه الحركة اتخذت شكل المناظرات والمناقشات الفكرية في الغالب الأعم، ولم يلجأ القائمون عليها إلى عقد محالفات مع أمراء أوروبا، أو لم ينجحوا في ذلك. كما أنهم اتخذوا إنشاء المدارس والكليات طريقا لبث دعوتهم كما سيتضح من ثنايا هذا البحث. كما أن عددا كبيرا من المنخرطين في سلك هذه الدعوة كانوا من العلماء الأفذاذ في مختلف المجالات. وتلك الحركة هي موضوع هذا البحث الذي أرجو أن يكون بداية تعقبها بحوث أخرى.
٢ - إرازم (إرازمس) والبداية
كانت بداية إثارة الأفكار المناهضة للتثليث في التاريخ الأوروبي الحديث على يد أحد رواد الحركة الإنسانية في القرن السادس عشر، ونعني به إرازم Erasmus. لقد أقدم إرازم على الرجوع إلى نسخ عديدة من الإنجيل باللغة اليونانية ولم يكتف بالرجوع إلى الترجمات اللاتينية المتاحة. وشرع يترجم من اليونانية مباشرة إلى اللاتينية. وقرر إرازم أنه وجد في النص الإنجيلي الشائع على أيامه كثيرا من الأخطاء الواضحة. والأهم من هذا أنه عندما أصدر الإنجيل الذي ترجمه، والإنجيل اليوناني الذي حققه من نسخ عديدة سنة ١٥١٦ م أسقط منه العبارات المتعلقة بالتثليث أو على حد تعبير " دائرة معارف الدين والأخلاق"
His omission of the famous Trinitarian verse" Encyclopedia of Religion and Ethic ولم يكن من الممكن للرأي العام المسيحي وقتها أن يعتبر هذا خطأ غير مقصود أو سهوا أو خللا طباعيا، خاصة وأن من جملة الأفكار الأساسية التي كان يرددها الإنسانيون ومن بينهم