للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إرازم في ذلك الوقت أنه ينبغي أن ينفض العالم المسيحي كل ما يظن أنه دخيل على المسيحية. وأنه من الضروري الرجوع للأصول الأولى قدر الممكن.

كما كان من الآراء التي يرددها إرازم أن الإنجيل (العهد الجديد) الشائع على أيامه زاخر بالأخطاء اللغوية والأخطاء في المعاني الناتجة عن عدم فهم فيلولوجية اللغتين اليونانية واللاتينية. ورغم أن إرازم قد خاطب البابا ليو العاشر بشأن التناقض في الترجمة الإنجيلية المعتمدة عند الكنيسة الكاثوليكية Vulagate's discrepancies برقة وأدب شديدين، إلا أن هذا لم يقلل من خطورة ما أقدم عليه بنشر نص يوناني للإنجيل يختلف في بعض معانيه مع النص اللاتيني المعتمد. ورغم أن إرازم لم يهاجم عقيدة التثليث، إلا أن نشره لنص إنجيلي خال من الإشارة إليها جعل الأعمال التي راحت تنكر فكرة التثليث بشكل مباشر تتوالى تباعا، حتى اتخذت شكل حركة بكل معاني الكلمة، تفاعلت بها أوروبا كلها، حتى أنها في تأثيرها الديني لم تكن تقل خطرا وأهمية عن حركة مارتن لوثر ورفاقه وإن كانت آثارها السياسية أقل قيمة.

لقد كتب مارتن سيلاريوس Martin Cellarius (١٤٩٩ - ١٥٦٤) الذي كان تلميذا ليوحنا رخلن Reuchlin، وكان أيضا تابعا وصديقا لمارتن لوثر، مهاجما فكرة التثليث. وفي ١٥٢٧ م أيد آراءه هذه بكتاب نشره في ستراسبورج Strasbourg أسماه De Operibus Dei.

٣ - ظهور سيرفيتوس وإحراقه

على أن المفكر الأكثر أهمية وشهرة ووضوحا في هذه الحركة المناهضة للتثليث هو سيرفيتوس (١١٥١ - ٣٥٥١) Servetus الذي أصدر كتابه الشهير "خرافة التثليث" De Trinitatis Erroribus سنة ١٥٣١ م. وعلى إثر ذلك: "بدأ هياج ولغط كبير بين المعلمين ورجال الدين والمحامين وعلماء الطبيعة والرياضيات ورجال العلم والأدب … لقد أصيب الجميع بحالة عدم توازن فكري were all astire. لقد رحلوا من مكان إلى مكان بحثا عن الحقيقة وانخرطوا في مناقشات صاخبة. وذهبت أفكارهم كل مذهب. ففي نابلي Naples كان الشاب الإسباني يوحنا فالدز John Voldes قد كون جماعة دينية ضم إليها النبيلات لدراسة الكتاب المقدس وإعادة النظر فيه. وظلت الجمعية قائمة حتى وفاته سنة ١٥٤١ م".