المجدف" على حد تعبيرهم. وقد تم سجن سيرفيتوس في فرنسا، ولكنه فر من سجنه متوجها إلى جنيف وكأنه يسعى إلى حتفه بنفسه.
ودخلها في ١٣ أغسطس ١٥٥٣ م. وتوجه إلى كاتدرائية سانت بيير St.Pierre فأصدر كالفن أمره بالقبض عليه. وسجن سيرفيتوس ولاقى في سجنه كل أنواع العنت، ويبدو أن آراء سيرفيتوس كانت قد بدأت تنتشر مما أفزع كالفن لدرجة أنه كان في حاجة إلى مراسلات يرسلها في كل اتجاه ليحصل على دمغ لآراء سيرفيتوس قبل إحراقه. وفي ٢٦ أكتوبر ١٥٥٣ م قرر مجلس مدينة جنيف بالإجماع وبتحريض من كالفن إحراق سيرفيتوس حياً. وتقدم بعض أصدقائه منه وهو على المحرقة طالبا منه العدول عن آرائه في رفض التثليث، ولكنه أبى.
وهكذا تناقض البروتستنت مع أنفسهم. ووقعت الحركة الإصلاحية في الأخطاء نفسها التي وقع فيها أعداؤهم الكاثوليك. لقد كان الإصلاحيون البروتستنت ينظرون للمسألة الدينية من وجهة نظر أساسية وهي أن العلاقة بين الإنسان وربه يجب أن تكون حرة ومباشرة إذ يجب أن يكون الإنسان حراً ومسئولا مسؤولية مباشرة أمام ربه وحده ودون وساطة من بشر. "إلا أنهم بإحراقهم الجماعات المناهضة للتثليث يكونون قد تدخلوا بين الإنسان وربه".
ورغم أن الحركة الإصلاحية البروتستنتية كانت تعيب على الكنيسة الكاثوليكية عدم تسامحها وإجبارها الناس على معتقدات لا يريدونها واتخاذها أساليب العنف والإحراق ضد مخالفيها، إلا أن البروتستنت أنفسهم كما رأينا سرعان ما اتخذوا الأساليب نفسها التي كانوا يمجونها من قبل. خاصة ضد الموحدين أو المناهضين للتثليث.
وقد لاحظ بعض الباحثين في مقارنة الأديان أن:" نظرة الإسلام السني تشبه على نحو ما نظرة أتباع الحركة المناهضة للتثليث" Unitarianism ورغم أن سيرفيتوس كان واحدا من كثيرين قالوا بعدم التثليث إذ أن القائلين بهذه الأفكار كانوا يشكلون حركة - إلا أن شهرته واحتفاء المراجع به ترجع إلى أن الرجل لم يكن نكرة في عالم الدين والعلم. فهو عالم وطبيب ولاهوتي من أصل إسباني ودارس متعمق للقانون. لقد كان قمة من قمم العلم في القرن السادس عشر. ولا يخلو كتاب من كتب تاريخ العلوم من الإشارة إليه، فقد ترجم