عقاب ينزل به. والواقع أن كالفن لم يكن يطيق المختلفين معه في الرأي، فقد أجبر على سبيل المثال لاهوتياً آخر على مغادرة جنيف وهو كاستليو Sebastian Castellio فتركها له سنة ١٥٤٤ م.
ومهما يكن من أمر فقد رفضت الكنائس الأوروبية اعتبار المناهضين للتثليث مسيحيين بينما اعتبروا هم أنفسهم المسيحيين الحقيقيين، ورأى عدد كبير من المسيحيين وهو عدد ليس بالقليل أن المسيح مجرد شخص مميز ورفضت الكنائس الأوروبية الرسمية ذلك. تبلور حركة المناداة بالتسامح الديني نتيجة اضطهاد المناهضين للتثليث.
يجمع الباحثون في تاريخ الأديان من الأوروبيين أن الأضطهاد الذي لاقاه المناهضون للتثليث من قبل الكاثوليك والبروتستنت على السواء هو الذي بلور المناداة بالتسامح الديني toleration ففي سنة ١٥٥١ م أعلن كاستيلو Sebastian Castellio أنه لا ينبغي أن ترتكب الجرائم لفرض عقيدة ما فيجب أن تكون حرية الاعتقاد مكفولة. لقد اهتز الضمير الأوروبي نتيجة إحراق سيرفيتوس، وإحراق مسيحيين آخرين لا يدخلون تحت حصر بتهمة الهرطقة التي كانت تعني في المقام الأول إنكار التثليث. فرغم كلمات لوثر التي تنص على أنه:"لا يجب استخدام العنف ضد الهراطقة وإنما علينا أن نهديهم بكلمات الله، فالهرطقة مسألة معنوية روحية لا يمكن أن نغسلها بنار الأرض ومائها".
ورغم هذه الكلمات فقد تم إحراق ما لا يقل عن عشرة آلاف مسيحي في قرن واحد تحت شعار العقيدة الحقة. رغم أن لوثر نفسه كان قد أتهم بالهرطقة. ورغم هذا فإن البروتستنت لم يأخذوا العبرة من ذلك فشاركوا في إحراق كثيرين من بينهم نساء بل وأسر كاملة حيث كان يساق للحرق كل من الزوج والزوجة والأبناء وأبدى بعض المحرقين تمسكا وشجاعة فقد ذهبت امرأة للمحرقة كأنما هي "ذاهبة لعرسها" وأحضروا زوجة رجل وأولاده بالقرب منه قبيل احتراقه ليعود عن معتقده فرفض حتى ولو جعلوا له "ملء الأرض ذهباً" على حد قوله. وصرخ رجل وهو يحترق قائلا، "لقد أخفيتم حقيقة الإنجيل فترة طويلة" وقد أورد براندت تفاصيل مذهلة عن حفلات النار هذه استغرقت من كتابه ذي القطع الكبير حوالي ٤٠ صفحة، وكان يدخل