ففي ٢٨ ديسمبر ١٥٤٨ م طلع علينا القس الإنجليزي جون اشيتون John Assheton بقوله: "إن الروح القدس ليس هو الله وإنما هو قوة أرسلها الله وإن عيسى المسيح الذي تلقته مريم العذراء هو نبي مرسل مبارك. ولكنه أبدا لا يمكن أن يكون الإله الحي".
ولكن حظ المناهضين للتثليث في إنجلترا لم يكن أفضل من حظهم في سواها، ففي إبريل ١٥٤٨ م عينت لجنة لبحث أمور الهراطقة، وقد مثل كثيرون من التجار وأصحاب الحرف أمام هذه الهيئة في شهر مايو من العام نفسه. وكانت التهمة الموجهة إليهم هي أنهم يقولون:"لا تثليث وأن المسيح نبي وليس إلهاً البتة. وأن كل ما قدمه لنا المسيح هو أنه علمنا الطريق إلى السماء،" وقد نفذت فيهم أحكام قضائية تصل إلى السجن مدى الحياة.
٥ - الحركة السوسينية
ثم تمركز المناهضون للتثليث في بولندا خاصة منذ عام ١٥٧٩ م حيث كان لاستقرار سوسينوس Faustus Socinus الذي تحلق حوله الأتباع وعرف تفكيرهم في أوروبا بالتفكير السوسيني. وهو يعود في الأصل إلى أسرة إيطالية هي أسرة Sozini. وقد ذكر سوسيني في كتبه التي نشرها أن المسيح لا يمكن أن يكون إلها على الحقيقة. وقد حوربت السوسينية بضراوة وتم إغلاق كليتهم التي افتتحوها في بولندا وأجبرهم الكاثوليك على الرحيل فتشتتوا. وفي إنجلترا كان يحرم من الكنيسة كل من يعتنق هذه الأفكار كما صدر قرار بمنع جلب الكتب التي تحمل هذه الأفكار أو طبعها أو نشرها. هذا هو الموقف الرسمي من هذه الحركة في كل أنحاء أوروبا طوال القرن السادس عشر وفي مطلع القرن السابع عشر للميلاد.
وقد حاول سوسينوس التوفيق بين الفرق المتنازعة داخل الحركة المناهضة للتثليث. وأهم أعمال سوسينوس والتي توضح فكره، كتابه The Racovian Cateckism الذي نشر سنة ١٦٠٥ م. وكانت راكو Rakow في بولندا هي مركز الحركة التي انتشرت انتشاراً كبيرا، وأسس أصحابها مدرسة لهم ضمت في وقت من الأوقات ألف طالب، كما أسسوا مطبعة وأنشئوا مجمعا كنسياً يحضره السوسينيون في بولندا وترنسلفانيا يعقد سنويا. وفي القرن السابع عشر كان للحركة أتباع في ألمانيا نفسها، وكانت جامعة ألتدروف Altdrof