الشخصية ولاستقرار حكمهم. لذا فقد تركوا لرجال الدين الكاثوليك معظم مؤسسات التعليم العامة، وعندما هدد ازدهار البروتستانتية في فرنسا، بإضعاف سلطان الكنيسة الكاثوليكية وما يتمخض عنه من فوائد، جرى طرد الهوجونوت Huguenots (البروتستانت الفرنسيين) بلا رحمة.
وعرفاناً من الدولة بأهمية هذه الخدمات التي تقدمها الكنيسة، سمحت لها بجمع العشور وسمحت لها بدخول مالية أخرى تجبيها من أبناء كل أبرشية وسمحت لها بتقديم الوعود بتحقيق الأماني التي يرنو إليها العصاة الغافلون بتشجيعهم على شراء نعيم الآخرة لقاء تنازلهم عن ممتلكاتهم في الدنيا لصالح الكنيسة.
وأعفت الحكومة رجال الدين من الضرائب واكتفت بالحصول من الكنيسة بين الحين والآخر على منحةٍ كبيرة بلا مقابل. ونظراً لهذه المزايا المختلفة فقد جمعت الكنيسة مقاطعات شاسعة قدرها البعض بأنها تبلغ خمس الأراضي الزراعية في فرنسا. وكانت الكنيسة تدير هذه الأراضي باعتبارها ممتلكات إقطاعية وراحت تجمع منها العوائد الإقطاعية. لقد حولت الكنيسة إيمان المؤمنين إلى حليٍ من ذهب وفضة - كجواهر التاج الملكي - أصبحت كحاجز أو كمنطقة محرمة ذات مناعة، وقداسة وتخصيص لمواجهة أي ادعاء أو تطاول فبدت هذه المكاسب الكنسية راسخة عبر التاريخ عميقة الجذور.
وتلاعب كثير من الكهنة والقسس في عوائد العشور واحتالوا ليحصلوا منها على شيء، وعاشوا في فقر تغلفه التقوى بينما كان كثيرون من الأساقفة يعيشون عيشة مترفة فخمة وكان رؤساء الأساقفة يعيشون بعيدا عن مقارهم الأسقفية وراحوا يحومون حول البلاط الملكي. وفي وقت كانت الحكومة على حافة الإفلاس وجدنا الكنيسة الفرنسية على وفق تقديرات تاليران Talleyrand تنعم بدخل سنوي مقداره ١٥٠ مليون ليفر (فرنك)، وكانت طبقة العوام التي أنهكت الضرائب كاهلها في حالة عجب لعدم إرغام الكنيسة على إشراك الدولة معها في ثروتها. وعندما انتشرت كتابات غير المؤمنين (غير المتمسكين بتعاليم