الكنيسة) تخلى الآلاف من أفراد الطبقة الوسطى والمئات من أفراد الطبقة الأرستقراطية - عن العقيدة المسيحية، وكانوا مستعدين لأن ينظروا بهدوء فلسفي إلى غارات الثورة على الموروثات المقدسة والمصونة.
وكان النبلاء على وعي يشوبه غموض أن النبالة قد فقدت كثيراً من أسباب وجودها أو بتعبير آخر قد ظلت باقية رغم أن المهام المنوطة بها والتي كانت سبب وجودها قد انتهت. فعنصر الفخر في هذه النبالة (أو الشرف) متمثلا في القيام بدور الحماية العسكرية للمجتمعات الزراعية، أو التوجيه الاقتصادي لها أو الرياسة القضائية، لم يعد قائما كما كان، فكثير من هذه الخدمات قد حلت محلها السلطة المركزية والإدارية القوية في ظل ريشليو Richelieu ولويس الرابع عشر. لقد أصبح كثيرون من السادة الإقطاعيين الآن يعيشون في البلاط الملكي وأهملوا إقطاعياتهم، وفي سنة ١٧٨٩ بدا أن أثوابهم الفخمة ورقتهم في التعامل ولطفهم لم تعد أمورا كافية لتبرير امتلاكهم لربع الأرض الزراعية وابتزازهم للعوائد الإقطاعية.
وادعت الأسر الأقدم من بين أسر النبلاء أنها من جنس أكثر نبالة (نبالة الجنس La Noblesse de race أو أصالة العرق) إذ أرجعت هذه الأسر أصولها إلى الفرنجة الجرمان (الفرنك الجرمانيين) الغزاة الذين تسموا في القرن الخامس باسم غال Gaul لكن كاميل ديمولان Camille Desmoulins أحال فخرهم إلى منقصة في سنة ١٧٨٩ باعتبارهم غزاة أجانب، عندما دعا إلى الثورة باعتبارها ثأرا تأخر كثيراً من أعراق وافدة. ومن الناحية الفعلية كان نحو ٩٥% من طبقة النبلاء الفرنسية قد أصبحوا بشكل متزايد بورجوازيين وسلتيين Celtic قد تركوا أفراد الطبقة الوسطى - ذوي العقول الذكية والثروة التي حازوها مؤخرا - يشاركونهم أراضيهم وألقابهم.
وكان ثمة قسم من الأرستقراطية - عرفوا بنبلاء (الروب) أو النبلاء بحكم المنصب Noblesse de robe وكانوا يكونون نحو أربعة آلاف أسرة شغل أربابها مناصب قضائية أو إدارية رفعت شاغليها - تلقائيا - إلى مرتبة النبالة.