عشر مساء، وذلك في اليوم الأول للمحاكمة ومن الساعة التاسعة صباحا إلى الثالثة، في اليوم الثاني من المحاكمة. لقد أتهمت بتحويل ملايين الفرنكات من الخزانة الفرنسية لأخيها جوزيف الثاني إمبراطور النمسا ودعوة القوات الأجنبية لغزو فرنسا، وكان هناك افتراض - أكد إلى بعيد - أنها حاولت أن تفسد "ابنها جنسيا". وكان هذا الاتهام الأخير هو الاتهام الوحيد الذي لم يثرها فقد أجابت:"إن الطبيعة ذاتها ترفض أن ترد على مثل هذه التهمة (تعيرها اهتماما) الموجهة إلى أم، إنني أستغيث بكل الأمهات الموجودات هنا".
لقد تأثر الجمهور الحاضر بمنظر هذه المرأة التي كان جمالها وشبابها ومرحها في وقت من الأوقات حديث أوروبا، أما الآن فقد اشتعل رأسها شيبا وهي في الثامنة والثلاثين من عمرها مرتدية ملابس الحداد بعد إعدام زوجها، وراحت تناضل دفاعاً عن حياتها أمام رجال كانوا قد انتهوا - كما هو واضح - إلى قرار بتحطيم روحها وتعذيبها بإطالة فترة المحاكمة بلا رحمة لتذهب نفسها حسرات قبل تدمير جسدها. وعندما انتهت المحاكمة أصابها العمى لفرط الإرهاق وكان لا بد من مساعدتها لتتخذ طريقها إلى زنزانتها، وهناك علمت أن قرار المحلفين هو الحكم عليها بالموت.
والآن فإنها كتبت في محبسها الانفرادي خطاب وداع لمدام إليزابيث طالبة منها أن تنقل لابنها وابنتها التوجيهات التي تركها أبوهما الملك. لقد كتبت:"إن ابني يجب ألا ينسى كلمات أبيه الأخيرة والتي طالما كررتها على مسامعه وهي قوله: لا تعمل أبداً على الثأر لمقتلي".
ولم يسلم الخطاب إلى مدام إليزابيث فقد سلمه - بعد أن استولى عليه - فوكييه - تينفيل إلى روبيسبير، وتم العثور عليه ضمن أوراقه السرية بعد موته.
وفي صباح ١٦ أكتوبر ١٧٩٣ أقبل المنفذ (الجلاد) هنرى سانسون Henry Sanson إلى زنزانتها وعقد يديها خلف ظهرها وفض شعرها الذي يغطى رقبتها وحملها في عربة مرت على طول شارع يحفه الجنود والجموع التي كانت قبل ذلك معادية لها هازئة بها إلى أن وصلت إلى ميدان الثورة. وعند الظهر عرض سانسون على الجموع رأسها العنيد.
إن المحكمة الثورية الآن قد أنست إلى عملها، راحت تصدر أحكام الموت بمعدل سبعة