للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥/ ٣ - الحرب ضد الدين

والآن، فقد كان هناك انقسام حاد بين أولئك الذين يعتبرون العقيدة الدينية هي سندهم النهائي في الدنيا التي - بغيره - تغدو بلا غاية ولا معنى ومأسوية، وأولئك الذين يعتبرون الدين - على وفق تفكيرهم، خرافات مكلفة ومحبوكة لسد الطريق أمام العقل والحرية، وهذا الخلاف كان حادا في الفندي Vendee وهي منطقة ساحلية بين اللوار Loire ولاروشيل La Rochelle حيث المناخ القاسي والأرض الصخرية المجدبة، وحيث الولادات والوفيات تجري بشكل روتيني مكرر، مما جعل السكان في غالبهم محصنين ضد أفكار فولتير ورياح التنوير.

حقيقة إن أهل المدن والفلاحين قبلوا الثورة لكن عندما أعلنت الجمعية التأسيسية الدستور المدني للإكليروس - مصادرة ممتلكات الكنيسة محوِّلة القسس كلهم إلى موظفين في الدولة - أيد الفلاحون قسسهم في رفضهم الموافقة على هذا الدستور، فتحولت دعوة شبابهم للتطوع في الجيش أو التجنيد الإلزامي فيه، إلى دعوة لإشعال النار في الثورة. فلم يقدم أولادهم حياتهم لحماية حكومة كافرة؟، فالأولى هو أن يدافعوا عن قسسهم ومذابح كنائسهم ومعبودات أسرهم.

وعلى هذا ففي ٤ مارس ١٧٩٣ انفجر التمرد في الفندي وبعد ذلك بتسعة أيام انتشرت في الإقليم، وبحلول أول مايو أصبح هناك ٣٠،٠٠٠ متمرد مسلح، وشارك عدد من الموالين للملكية الزعماء القرويين في تنظيم هؤلاء المتطوعين في كتائب منظمة، وقبل أن يتحقق المؤتمر الوطني من قوتهم كانوا قد استولوا على توار Thouars وفونتني Fontenay وسومور Saumur وأنجر Angers وفي أغسطس أرسلت لجنة الأمن العام إلى الفندي جيشا بقيادة الجنرال كليبر (كليبه) مزودا بتعليمات بتدمير قوات الفلاحين وتدمير المناطق التي تؤيدهم كلها. وهزم كليبر Kleber جيش الكاثوليك في شولت Cholet في ١٧ أكتوبر ولاحقه حتى سافيني Savenay في ٢٣ ديسمبر، وجرى تعيين مندوبين عسكريين من لجنة الأمن العام في أنجر Angers ونانت ورين Rennes وتور Tours وزودتهم بأوامر بإعدام أي واحد من أهل فندي يحمل السلاح. وفي غضون عشرين يوما تم إعدام ٤٦٣ في أنجر