للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان قد أعدم بالمقصلة) عندما أقام مهرجانا لتكريم "الموجود الأسمى" كما بدا وكأنه يوبخ هيبير، فالقانون الصادر في ١٠ يونيو ١٧٩٤ (٢٢ بريريال Prairial بالتقويم الجمهوري) نص بهدف شجب الملكية والدفاع عن الجمهورية والرقي بها - على إعدام كل من يسيء للأخلاق أو يروج أخبارا كاذبة أو يسرق المال العام أو يتربح ويستغل أو يختلس أو يعوق نقل الطعام أو يعوق بأي شكل مسار الحرب، وأكثر من هذا فإن هذا القانون خول المحاكم أن تقرر ما إذا كان المتهم في حاجة إلى محام أو مستشار أو شهود، إذا ظهر برهان إدانته. وقال واحد من المحلفين: "بالنسبة لي شخصيا، فإنني مقتنع بذلك دائما ففي ظل الثورة، يعد كل من يمثل أمام هذه المحكمة Tribunal مدانا".

وكان ثمة تبريرات لهذا الإرهاب المكثف. ففي ٢٢ مايو جرت محاولة للاعتداء على حياة كولو دربوا Collot d'Herbois، وفي ٢٣ مايو جرى وقف شاب حاول - بشكل واضح - اغتيال روبيسبير. وأدى الاعتقاد في وجود مؤامرة أجنبية إلى أن أصدر المؤتمر الوطني مرسوما بالتعامل بغير رحمة مع أسرى الحرب البريطانيين والهانوفريين Hanoverian. وكان في سجون باريس نحو ثمانية آلاف من المشكوك في ولائهم، وكان لا بد من إرهابهم حتى لا يفكروا في إثارة الاضطرابات أو الهروب.

لهذا ظهر على نحو خاص ما يسمى "الإرهاب الأعظم Great Terror " واستمر من ١٠ يونيو إلى ٢٧ يوليو سنة ١٧٩٤، ففي أقل من سبعة أسابيع قطعت المقصلة رقاب ١٣٧٦ رجل وامرأة، هذا بالإضافة إلى ١٥٥ كان قد جرى إعدامهم خلال الواحد والستين أسبوعا، بين مارس ١٧٩٣ و ١٠ يونيو ١٧٩٤. ولاحظ فوكييه تينفيل أن الرؤوس تتدلى من السقف كألواح الاردواز. ولم يعد الناس يذهبون لمشاهدة تنفيذ أحكام الإعدام فقد أصبح المشهد معادا مكررا، وإنما راحوا يعكفون في منازلهم يتحسسون أي كلمة ينطقون بها. وتوقفت الحياة الاجتماعية تقريبا، وكادت المواخير وبيوت الدعارة والحانات تكون خاوية على عروشها. بل وتقلص عدد الحضور في المؤتمر الوطني نفسه، فمن بين ٧٥٠ عضوا لم يعد يحضر - الآن - سوى ١١٧، وحتى هؤلاء امتنع كثيرون منهم عن