لقد أصبح من غير الملائم (مما لا يتمشى مع المودة) أن يؤيدوا الحكومة الثورية بدليل أنه عندما سرى خبر مبتسر عن حل المؤتمر الوطني قوبل ذلك بالفرح حتى إن بعض الباريسيين رقصوا في الشوارع.
لكن المؤتمر الوطني استمات للاستفادة مما بقي له من وقت، ففي يونيو سنة ١٧٩٥ بدأ في وضع دستور جديد مختلف كثيرا عن الدستور الديمقراطي غير العملي الصادر في سنة ١٧٩٣ والآن فقد تبنى المؤتمر الوطني نظاما توجد بمقتضاه هيئتان تشريعيتان إحداهما عليا مكونة من النواب الأكبرين سنا والأكثرين خبرة، وموافقة هذه الهيئة العليا Upper Chamber يعد ضروريا لإقرار أي إجراء تتبناه الهيئة الأخرى (الأدنى درجة Lower chamber) الأكثر انفتاحا واتصالا مباشرا بالحركات الشعبية والأفكار الجديدة. فالشعب كما قال بويسى دنجلا Boissy d'Anglas ليس على الدرجة الكافية من الحكمة والتوازن ليقرر سياسة الدولة.
وعلى هذا كان دستور السنة الثالثة Constitution of the year III (تبدأ السنة الثالثة من ٢٢ سبتمبر سنة ١٧٩٤) كمراجعة لإعلان حقوق الإنسان (١٧٨٩) لحذف ما به من تضليل وخداع فيما يتعلق بالفضائل والسلطة. لقد جرى حذف الافتراض القائل إن:"الناس يولدون أحرارا، ويظلون أحرارا متساوين في الحقوق" وعرف المساواة بأنها لا تعني أكثر من أن: "القانون ينطبق على الجميع" وجعل الانتخابات غير مباشرة بمعنى أن يقوم المصوتون Voters (من كان لهم حق الانتخاب وأدلوا بأصواتهم) بانتخاب مندوبين (أو مفوضين delegates) ليكونوا أعضاء في هيئة المنتخبين (بكسر الخاء) electoral College في كل دائرة (محافظة) ويقوم هؤلاء الناخبون بدورهم باختيار أعضاء الهيئة التشريعية الوطنية (على مستوى فرنسا) وأفراد السلطة القضائية Judiciary والهيئات الإدارية. واقتصرت عضوية هيئة المنتخبين على أصحاب الملكيات وبذا يكون اختيار الحكومة الوطنية منوطا بثلاثين ألف فرنسي.
وقدم واحد من الأعضاء اقتراحا للمؤتمر الوطني بإتاحة حق الانتخاب للنساء لكن عضواً آخر أقنعه بسؤال وجهه:"أين هي الزوجة الصالحة التي تجسر على القول بأن رغبة زوجها غير رغبتها؟ " ورفض مبدأ سيطرة الدولة