سبب للحياة فقد يكون من الأفضل أن نموت، لكن هناك جانب آخر للأمور عندما تضمين أطفالك لقلبك فستحيي الدموع والعطف رغبتك في الحياة، لتعيشي من أجل أولادك. نعم يا مدام ستبكين معهم وستنشئينهم وسترعين طفولتهم وستعلمينهم في شبابهم وستحدثينهم عن أبيهم وما حدث له، وعن حبهم وجمهوريتهم. وعندما تربطين روحك بهذا العالم ثانية من خلال التفاعل المتبادل مع أطفالك، أريدك أن تجعلي لصداقتي بعض القيمة ولتضعي في اعتبارك اهتمامي الصادق الذي سأوليه دوما لزوجة صديقي. كوني متأكدة أن هناك رجالا … يمكنهم أن يحولوا الأسى إلى أمل لأنهم يشعرون بشكل واضح تماما بعذابات القلب".
وتضاعفت المحن، فلا يكاد يمر يوم بلا هجمات يشنها العرب أو الترك أو المماليك غير المؤتلفين مع سادتهم الجدد - على القوات الفرنسية. وفي ١٦ أكتوبر قامت جماهير القاهرة بثورة على الفرنسيين الذين قمعوا الثائرين، وتخلى نابليون لفترة عن دور الفاتح المتسامح وأمر بقطع أعناق كل ثائر مسلح.
وعندما سمع نابليون أن الأتراك (العثمانيين) يعدون جيشا لاستعادة مصر صمم على مواجهة التحدي فأعدّ ثلاثة عشر ألفا من رجاله إلى سوريا، وانطلق في ١٠ فبراير سنة ١٧٩٩ واستولى على العريش وأتم عبور صحراء سيناء. ويبين لنا خطاب كتبه نابليون في ٢٧ فبراير بعض جوانب هذه المحنة: حرارة وعطش "وماء غير عذب تعتريه ملوحة، وأحيانا لا ماء أبداً لقد أكلنا الكلاب والحمير والجمال" ووجدوا في غزة - ويا لسعادتهم - بعد معركة قاسية - خضراوات طازجة وبساتين ذوات فواكه لا مثيل لها.
وفي يافا (٣ مارس) توقفوا أمام مدينة ذات أسوار وسكان معادين وحصن يدافع عنه ٢٧٠٠ مقاتل تركي من ذوي البأس، فأرسل نابليون يعرض عليهم شروطا، لكنهم رفضوها، وفي ٧ مارس أحدث المهندسون العسكريون الفرنسيون في أسوار المدينة ثغرة اندفع الجنود خلالها فقتلوا من قاومهم من السكان وسلبوا المدينة، وأرسل نابليون، يوجين دي بوهارنيه لإعادة النظام في المدينة فعرض حق الخروج الآمن لكل من يستسلم، وسلم جنود الحصن أسلحتهم حتى لا يلحق الفرنسيون مزيدا من الدمار في المدينة، وسيقوا أسرى