مؤخراً بقايا القوات الفرنسية في إيطاليا ضد سوفوروف في نوفى Novi (١٥ أغسطس) وتصرف بتهور شديد فلاقى حتفه في مستهل المعركة. لقد حارب الفرنسيون بشجاعة لكن من غير أن يحققوا نتائج طيبة. لقد سقط منهم في ساحة المعركة ١٢،٠٠٠، وعندما علمت الحكومة الفرنسية بهذه النكبة التي بلغت ذروتها تحققت أن فتوحاتها التي حصلت عليها بصعوبة شديدة قد ضاعت، وأنه قد يصبح الروس بقيادة سوفوروف حالاً على الأرض الفرنسية. وكان خيال العامة في الألزاس وبروفانس Provence يصور هذا القائد الروسي ورجاله وكأنهم "برابرة عماليق" كموجات عاتية من السلاف المتوحشين تجوس خلال مدن فرنسا وقراها.
إن فرنسا التي كانت إلى عهد قريب فخورة بقوتها وانتصاراتها أصبحت الآن في حالة فوضى وفزع لا تقل عن حالة الفوضى والفزع التي سادتها سنة ١٧٩٢ والتي أدت إلى مذابح سبتمبر. لقد ثار أهل إقليم فيندي مرة أخرى وتمردت بلجيكا على حكامها الفرنسيين، وأصبح خمس وأربعون دائرة (محافظة) من ست وثمانين محافظة - تقريباً بلا حكومة ولا ضوابط، لقد قاتل الشبابُ الضباطَ الذين أتوا لتجنيدهم إجباريا، وجرى قتل موظفي البلديات وجامعي الضرائب وأثار مئات اللصوص وقطاع الطرق الذعر في قلوب التجار والمسافرين سواء في شوارع المدن أم على الطرق الزراعية (المارة بالريف) وفاقت قوة المجرمين رجال الشرطة، ففتحوا السجون وأطلقوا سراح المسجونين وضموهم في تنظيمات شكلوها، وتعرضت المساكن ودور العبادة كلها للنهب. لقد عاد "الرعب الكبير" الذي ساد في سنة ١٧٩٤ مرة أخرى.
وتطلعت الأمة بأمل طالبة الحماية من نوابها الذين أرسلتهم إلى باريس لكن المجلسين كانا قد استسلما لحكومة الإدارة، وحكومة الإدارة بدورها لم تبد سوى أنها أوليجاركية oligarchy مغتصبة (حكومة أقلية مغتصبة) تحكم بالرشوة والمغالطة والقهر.
وفي مايو سنة ١٧٩٩ وجدنا سييس Sieyes - الذي كان راهبا في وقت من الأوقات، والذي راح طوال عشر سنوات مضت يغازل الثورة بتوجيه هذا السؤال: ما هي الطبقة الثالثة؟ وكان يجيب عن السؤال الذي طرحه بقوله إنها الأمة ويجب أن يسمي أبناؤها