"الدولة كلية السلطة أو الدولة الشمولية Omnipotent State" محل الملكية.
والحقيقة أن تباين التشريعات القديمة، وإقرار قوانين جديدة وازدياد تعقد علاقات الأعمال كل هذا أدى إلى زيادة أعداد القانونيين زيادة كبيرة، فهم - الآن قد حلوا محل الإكليروس كطبقة أولى. ومنذ حل "البرلمانات " لم يكونوا تابعين لتنظيم رسمي، لكن معرفتهم بكل ثغرات القانون، وبالإجراءات القانونية بكل حيلها، ووسائل التسويف فيها، قد أعطتهم قوة وجدت الدولة نفسها صعوبة في السيطرة عليها (مع أن الحكومة نفسها كانت تضم مجموعة من القانونيين) وبدأ المواطنون يحتجون على التسويف في ظل القانون (التسويف القانوني) وعلى حيل المحامين، وتكاليف التقاضي المرتفعة مما جعل - ويا للسخط - المواطنين حقيقة غير متساوين أمام المحاكم.
وحاولت الجمعيات المتتالية خلال اختزال إجراءات التقاضي، والتقليل من حدة سلطان المحامين، وفي إجراء عنيف صدرت مراسيم بإبطال وظيفة الموثق العام (كاتب العدل) في ٢٣ سبتمبر سنة ١٧٩٣. وتم إلغاء مدارس القانون (١٥ سبتمبر ١٧٩٣) وصدر مرسوم في ٢٤ أكتوبر ١٧٩٣ بإلغاء وظيفة الوكيل القانوني attorney at Law وإنما يقوم المتقاضون (المتخاصمون) بتفويض مندوبين عنهم ليمثلوهم أمام المحاكم بلا مقابل وهذه الإجراءات غالباً ما كان يتم الالتفاف حولها وظلت مجرد قوانين في الكتب حتى أعاد نابليون نظام المحامين أو الوكلاء القانونيين attorneys في ١٨ مارس سنة ١٨٠٠.
وقد أحرزت الثورة تقدما في إصلاح القوانين الجنائية فأصبحت الإجراءات أقرب إلى فهم العامة، فقد انتهت لفترة سرية الاستجوابات، والأخذ بشهادة أشخاص لا تذكر أسماؤهم، ولم يعد السجن وسيلة للتعذيب، فقد سمح لكثيرين من المساجين بإحضار الكتب والأثاث، وأن يدفعوا لشراء وجبات لهم من خارج السجن، وسمح للمساجين الذين سجنوا للاشتباه فيهم ولم يدانوا بعد بالتزاور معا وممارسة الألعاب الرياضية أو على الأقل ممارسة العشق، وقد سمعنا عن بعض الأمور الدافئة كالتي حدثت بين السجينة جوزيفين بوهارنيه والسجين الجنرال هوش Hoche والمؤتمر الوطني الذي نفذ في عهده مئات من أحكام الإعدام، أعلن في دورته الأخيرة (٢٦ أكتوبر سنة ١٧٩٥) أن "أحكام الإعدام ستمنع في