وفي هذه الأثناء استطاعت الثورة أن تزعم أنها قد حسنت طريقة الإعدام وفي سنة ١٧٨٩ اقترح الدكتور جوزيف إيجناس جليوتين Dr. Joseph Ignace Guillotin عضو مجلس طبقات الأمة إحلال المشنقة وحامل البلطة (منفذ حكم الإعدام باستخدام البلطه) بحيث تكون بلطته حادة النصل بحيث تفصل رأس المحكوم عليه بالإعدام عن جسده بسرعة فلا يتألم كثيراً قبل الموت. ولم تكن هذه الفكرة جديدة، فقد سبق استخدامها في إيطاليا وألمانيا منذ القرن الثالث عشر.
وبعد بعض التجارب التي أجراها الطبيب بسكينته (مشرطه) على جثث الموتى، تم نصب المقصلة (٢٥ ابريل ١٧٩٢) في ميدان الرملة Place de Greve (الآن ميدان دار البلدية) ثم توالى نصبها في كل مكان، وتوالى تنفيذ أحكام الإعدام بها. وظلت مشاهدة المقصلة وهي تهوي على رقاب الضحايا تجذب اهتمام الجماهير، وكان بعضهم يبدو سعيدا بمن فيهم النساء والأطفال، ولما تكرر المشهد كثيرا أصبح أمرا عاديا مألوفا لا يجذب الجماهير، فقد ذكر الناس المعاصرون لهذه الأحداث أن:
"عربات نقل السجناء المحكوم عليهم بالإعدام بالمقصلة، كانت تمر وهم يعملون في محلاتهم، فلا تؤثر فيهم ولا يكلفون أنفسهم حتى رفع رؤوسهم لمشاهدتها"
فالرؤوس المطأطِئة تبقى أكثر من الرؤوس المرفوعة.
٢/ ٢ - الأخلاق الجنسية
بين عربات نقل المسجونين إلى المقصلة، وبين الخراب لم يتوقف العشق ولا توقفت الممارسات الجنسية. وكانت الثورة قد أهملت المستشفيات، لكن هناك وفي ميادين المعارك، وأحياء الفقراء كان الإحسان يخفف الألم والحزن، والصلاح يواجه الشر، والمشاعر الأبوية تفوق نزوع الأبناء إلى الاستقلال. وراح أبناء كثيرون يعجبون من عدم استطاعة آبائهم فهم طابعهم الثوري وطرائقهم الجديدة، وتخلى بعضهم بشدة عن الكوابح الأخلاقية القديمة وأصبحوا إبيقوريين epicureans غير مبالين (أي ميالين إلى المتع والملذات) فانتعش الاتصال الجنسي غير الشرعي وانتشرت الأمراض التناسلية، وتضاعف عدد اللقطاء، واستمر الانحراف.