للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكنه استسلم لها بالتدريج، وحمل هذا التأثير معه عند عودته إلى باريس، وجعله يتناسق مع مناهضة الثورة للمسيحية وتمثلها بالجمهورية الرومانية ولكاتوس Catos وسبيوس Scipios بل إن هذا الاتجاه كان متفقاً مع عباءة مدام تاييه الإغريقية. والآن لقد حان الوقت المناسب لطرح استلهام الفن القوطي ذي النزعات العلوية (السماوية) وما يوحيه الباروك baroque من يفاعه مدهشة، وما يتجلى في الروكوكو من زخارف بهيجة، والصور الزيتية العارية والمتفائلة التي أنتجها بوشيه ولوحة الفتيات وهن يقفزن، التي أنتجها فراجونار Fragonard . الآن يجب أن يكون الخط الكلاسيكي والمنطق الكلاسيكي، والمنطق المجرد Cold reason والقيد الأرستقراطي والشكل الرواقي هو هدف الفن وعليه تقوم دعائمه في فرنسا الثورة الرومانسية، الديمقراطية، العاطفية، الزاخرة بالمشاعر.

وقد ولد ديفيد الذي كان عليه أن يتبوأ الصدارة في الفن في فرنسا الثورة وإمبراطوريتها، في باريس في سنة ١٧٤٨ من أسرة بورجوازية ثرية كانت تقيه العوز دوما. وقد التحق وهو في سن السادسة عشرة بأكاديمية الفنون الجميلة Academie des Beaux Arts ودرس على يد فين Vien وحاول مرتين من أجل الحصول على الجائزة المعروفة بجائزة روما Prix de Rome وفشل في المرتين، فحبس نفسه وحاول أن يموت جوعا لكن جاره الشاعر افتقده فبحث عنه فوجده وراح يتوسل إليه حتى تناول طعامه، ودخل ديفيد المسابقة مرة أخرى في سنة ١٧٧٤ وفاز برسم من نوع الروكوكو جعل له عنوانا هو (Antiochus Dying for the love of Stratonic أنتيوشس تموت حبا في ستراتيونيس)

وفي روما أصبح مفتونا برافاييل ثم تخلى عن افتتانه به لرقة خطوطه رقة شديدة ووجد في أعمال ليوناردو ما هو أقوى، ووجد في بوسين Possin انضباطاً أشد في الفكرة والتكوين، وانتقل من صور العذراء في عصر النهضة إلى الأعلام القدامى في عالم الفلسفة والأساطير والحرب، وفي عاصمة المسيحية تخلى عن عقيدته المسيحية.

وعاد إلى باريس في سنة ١٧٨٠ وتزوج من ثرية وعرض في صالونات الأكاديمية سلسلة متتابعة من أعماله الكلاسيكية (بليزا ريوس Belisarius وأندروماك Andromache) وبعض البورتريهات (رسوم لأشخاص). وفي سنة ١٧٨٤ ذهب إلى روما ليرسم صورة بتكليف من