ما أصبح في الخزانة ١٢ مليون فرنك تُغطى بها نفقاتها الجارية وتقدم منها للجيش طعامه كساءه، فقد عانى أفراد الجيش طويلا من الملابس الرثة كما أنَّ رواتبهم لم تكن قد دفعت منذ فترة طويلة. (وكان نابليون يضع دائما الجيش في المحل الأول من اعتباره) وسرعان ما نقل جودين سلطة تقدير الضرائب وجمعها من المسئولين المحليين إلى الحكومة المركزية، نظرا للسمعة السيئة للسلطات المحلية في هذا الشأن. وفي ١٣ فبراير سنة ١٨٠٠ وحد جودين الوكلات المالية المختلفة في بنك واحد هو بنك فرنسا Bank of France وطُرحت أسهمه للبيع وأصبح له حق إصدار العملة الورقية. وسرعان ما استطاعت الإدارة الدقيقة للبنك أن تُصدر أوراقاً نقدية محل ثقة انتشر استخدامها بين الناس. وكان هذا في حد ذاته ثورة. ولم يكن البنك مؤسسة حكومية وإنما بقي قطاعاً خاصا (in private hands) لكن الحكومة دعمته، وأشرفت عليه جزئياً عن طريق العوائد الحكومية المودعة به، وأصبح على وزير الخزانة باربي ماربوا Barbe-Marbois بالإضافة إلى وزير المالية إدارة ميزانية الدولة والحفاظ عليها في البنك.
وكانت أكثر الأمور في هذا النظام الإداري مدعاة للسخط هي: الحظر، وأعمال البوليس السري والعقاب على الجرائم، وإجراءات حماية المسئولين الحكوميين من الاغتيال. وكان جوزيف فوشي (فوشيه) هو رجل هذه المهام. لقد سبق أن تمرس بكثير من أشكال الخداع والتنكر، وباعتباره كان من المشتركين في قتل الملك، فقد كان الملكيون يضعونه نصب أعينهم كهدف للانتقام، لذا فقد كان يمكن لنابليون أن يعتمد عليه كحاجز منيع يحول بين البوربون والاستيلاء على العرش. فبينما دلل جودين الماليين ورجال البنوك وروّضهم، وجدنا فوشيه يُشرك اليعاقبه في آمال القنصل الأول باعتباره ابناً مخلصا للثورة - يحمي العامة من الارستقراطية والإكليروس (رجال الدين) ويحمي فرنسا من القوى الرجعية.
وكان نابليون يخشى فوشيه Fouche ولا يثق به، وظل محتفظا بطاقم منفصل من المخبرين السريين من بين مهامهم مراقبة وزير البوليس، ولكنه لم يبعده عن منصبة إلا في سنة ١٨٠٢ وكان هذا بحذر شديد، وأعاده سنة ١٨٠٤ وظل محتفظاً به إلى سنة ١٨١٠. لقد كان نابليون يقدر في فوشيه اعتداله في طلب الدعم المالي، وأوحى لهذا