ثم فوق الجبال مسافة ثلاثين ميلاً في طريق لا يتجاوز عرضه في بعض الأحيان ثلاثة أقدام عرضاً، غالباً ما يكون على طول جُروف (جمع جرف - بضم الجيم) عادة ما تغطيها الثلوج ومعرضة في أي لحظة لانهيار جليدي أو صخري أو أرضي، ومن ثم إلى التوغل في وادي دوستا (فال دوستا Valle d'Aosta) ".
ورتَّب نابليون في كل مرحلة من مراحل هذا الطريق أمر الطعام واللباس والنقل ليكون في انتظار الرجال، وفي مراكز عديدة دبر أمر النجارين وصانعي السروج وغيرهم من العمال لإصلاح ما أفسدته المسيرة، كما دبَّر أن يجري التفتيش على كل جندي مرتين أثناء الطريق للتأكد من سلامة معداته. وأرسل للرهبان الذين يعيشون في صوامع على قمم الجبال أموالاً لشراء الخبز والجبن والنبيذ لإنعاش الجنود المارين بهم. ورغم كل هذه الاستعدادات فقد ظهر كثير من أوجه القصور، لكن هؤلاء الجنود الشبان المجندين إلزامياً بدوا وكأنهم على استعداد لتحمل هذه المشاق بصبر بسبب التشجيع الصامت الذي أبداه لهم المحاربون المخضرمون.
وغادر نابليون مدينة باريس في السادس من مايو سنة ١٨٠٠. وما كان يغادر حتى شرع الملكيون واليعاقبة وآل بونابرت في التدبير لشغل مكانه إذا لم يعد منتصراً وناقش سييس وآخرون مدى أحقية أي من كارنو ولافاييت ومورو لشغل منصب القنصل الأول الجديد (الذي سيحل محل نابليون) وعرض أخوا نابليون: "جوزيف ولوسيان كورثة للعرش". وعاد جورج كادودال Cadoudal من انجلترا في الثالث من يوليو ليحرض الثوار الملكيين Chouans. لقد بدأت المواجهة الفعلية مع ممر سان بيرنار في ١٤ مايو. لقد تذكر السكرتير بورين قائلاً:
"لقد تقدمنا جميعاً على طول ممرات الماعز رجلاً في إثر رجل وحصانا في إثر حصان. وتم إنزال المدفعية والبنادق وتم وضعفها في جذوع أشجار جرى حفرها، وتم سحبها بالحبال .. وعندما وصلنا للقمة .. مركزنا أنفسنا في الجليد وانزلقنا فوق السفوح. وترجّل الخيالة حتى لا يؤدي انزلاق الخيول غير المدربة إلى هلاكها وهلاك راكبيها. وفي كل يوم كان قسم آخر من القوات يُكمل العبور، وبحلول اليوم العشرين من شهر مايو اكتمل العبور وأصبح جيش الاحتياط (الإنقاذ) آمناً في إيطاليا".