وأن عليه أن يبث شيئا من الرعب في قلوب رجال كانوا هم أنفسهم يحتقرون القانون. لقد زاد عداؤه تدريجياً لليعاقبة وأصبح شيئاً فشيئاً متساهلاً مع الملكيين.
وفي ٢٠ أكتوبر سنة ١٨٠٠ أوعز إلى مساعديه بأن يشطبوا من قائمة المهاجرين إثر أحداث الثورة الفرنسية أسماء المسموح لهم بالعودة إلى فرنسا وأن يستردوا ما صادرته الدولة منهم إذا لم تكن الحكومة قد باعته أو خصصته للاستعمال الحكومي. لقد كان هناك الآن حوالي ١٠٠،٠٠٠ مهاجر كان كثيرون منهم قد طلبوا الإذن بالعودة إلى فرنسا. ورغم احتجاج المعارضين الذين سبق لهم أن اشتروا الممتلكات المصادرة سمح نابليون لعدد بلغ ٤٩،٠٠٠ من هؤلاء المهاجرين بالعودة. وأكثر من هذا فقد كان يجري شطب أسماء أخرى من قائمة الممنوعين من العودة بين الحين والآخر أملاً في تقليص العداء الخارجي ضد فرنسا، وأملاً في إحلال السلام العام في أوروبا. وابتهج الملكيون لذلك، أما اليعاقبة فازدادوا كمداً.
وكانت الخطوة الأولى في برنامج السلام هذا هو اجتماع المفاوضين الفرنسيين والنمساويين في لونيفيل Luneville (بالقرب من نانسي Nancy) . وأرسل نابليون أخاه جوزيف لعرض حُجج فرنسا هناك، ولم يُرسل تاليران، وقد قام جوزيف بمهمته خير قيام. وكان نابليون يؤيده في كل خطوة تأييداً راسخاً ينطوي على التصميم، فكانت طلباته من الجانب النمساوي تزداد إذا لمس منه أي تأخير. وأخيراً استسلم النمساويون ووقعوا على ما أسموه - بسوء فهم - سلام لونيفيل المرعب في ٩ فبراير سنة ١٨٠١ بعد أن رأوا جيوش فرنسا تبتلع كل إيطاليا تقريباً ورأوها تدق أبواب فينا.
واعترفت النمسا بتبعية بلجيكا ولوكسمبورج والأراضي الواقعة على طول الضفة الغربية للراين من بحر الشمال إلى بازل لفرنسا. وأقرت ما سبق أن ورد في معاهدة كامبو فورميو Campoformio واعترفت بسيادة فرنسا على إيطاليا فيما بين جبال الألب ونابلي وما بين الأديج Adige ونيس كما اعترفت بالحماية الفرنسية على جمهورية باتافيا (هولندا) وجمهورية هيلفيتيا Helvetic Republic (سويسرا). لقد كتب الوزير البروسي هوجفثز Haugwitz: لقد اتفقت النمسا الآن اتفاقاً منفرداً مع فرنسا لإقرار السلام في أوروبا وارتفعت بورصة باريس عشرين نقطة في يوم واحد وراح عمال باريس يفضلون الانتصارات أكثر من تفضيلهم للتصويت في الانتخابات،