وقد ظل الأسطول البريطاني - يدعمه التفوق البريطاني في مجالي التجارة والصناعة - هو العقبة الكأداء التي تعوق نجاح نابليون طوال فترة حكمه فيما خلال عامين اثنين. لقد كانت بريطانيا تستطيع أن تزوّد بالأموال جيوش حلفائها في أوروبا في محاولاتهم المتكررة للإطاحة بنابليون، فقد كانت إنجلترا قابعة وراء القنال الإنجليزي غير معرضة للدمار الذي تسببه الحرب، ثرية بفضل تجارتها البحرية التي لا ينافسها فيها أحد وعوائد مستعمراتها وسبقها في الثورة الصناعية.
لقد اتفق التجار والصناع مع الملك جورج الثالث والتوريين Tories (حزب المحافظين البريطاني) والمهاجرين الفرنسيين الذين اضطروا لترك فرنسا إثر أحداث الثورة الفرنسية وإدموند بورك Burke - على أن عودة أسرة البوربون إلى عرش فرنسا هي الطريقة المثلى لإعادة الاستقرار إلى نظم الحكم القديمة (غير الثورية) ومع هذا فإن الجناح المعارض للتوريين (المحافظين) وكان يشكل في إنجلترا أقلية قوية بقيادة تشارلز جيمس فوكس Charles James Fox وكان يمثل الاتجاه الليبرالي الراديكالي ويضم رجالا يتسمون بالبلاغة وحُسن البيان - اعترض على أساس أن الحرب المستمرة ستنشر الفقر وتحرض على الثورة، وعلى أساس أن نابليون أصبح الآن أمراً واقعاً، وعلى أساس أن الوقت قد حان لإيجاد تسوية مؤقتة مع قائد المرتزقة الذي لا يقهر (المقصود نابليون).
وأكثر من هذا فقد راحوا يسوقون الأدلة على أن مسلك بريطانيا كسيدة للبحار قد خلق لها أعداء أصبحوا أصدقاء لفرنسا. وادعى الأدميرالات البريطانيون أن حصارهم لفرنسا يعطيهم - ومن معهم من بحارة - الحق في تفتيش السفن المحايدة ومصادرة البضائع المتجهة إلى فرنسا، وقد امتعضت كل من روسيا والسويد والدنمرك وبروسيا من هذا التصرف واعتبرته انتهاكا لسيادتها وكوَّنت في ديسمبر سنة ١٨٠٠ عصبة الحياد العسكري الثانية واقترحت مقاومة أي تعرض بريطاني لسفنها من الآن فصاعداً.
أما وقد ازدادت حدة الخلاف، فقد استولى الدنمركيون على هامبورج (التي كانت قد أصبحت الباب الرئيسي لبريطانيا المفضي إلى وسط أوروبا)، واستولى البروسيّون على هانوفر التابعة لجورج الثالث. وأخيراً أصبح نصف أوروبا الذي كان معادياً لفرنسا، معادياً لانجلترا الآن. ولأن فرنسا كانت بالفعل تسيطر على مصبات