للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الشعب) من مائة إلى خمسين وجعل مناقشاته من الآن فصاعدا سرية. وأقصى وزير الشرطة (الداخلية) فوشيه النشيط إلا أنه متقلب. ودمج وزارة الداخلية مع وزارة العدل وجعل على رأسها كلود رجنييه Claude Regnier وطرد سكرتيره بوريين Bourrienne في ٢٠ أكتوبر سنة ١٨٠٢ بعد أن اكتشف أنّّه يستغل مكانته لتحقيق ثروة، وراح من الآن فصاعداً يعوّل على الخدمات المخلصة التي يقدمها له كلود مينيفال Claude Meneval. بعد ذلك أصبحت مذكرات بورين لا يعوِّل عليها لفرط عدائها لنابليون وأصبحت مذكرات مينيفال لا يعول عليها لفرط محاباتها لنابليون. وعلى أية حال - فبتناولهما بحيطة - لا يزالان يكونان أكثر الروايات تعاطفاً عن نابليون الذي شاء قدره أن يمتطي صهوة أوروبا في العشر سنوات القادمة.

وربما كان هذا الاستفتاء الذي جرى سنة ١٨٠٢ - بالإضافة إلى ما حققه نابليون من انتصار في مارينجو وأمين - هو الذي دمَّر في نابليون النزعة إلى الاعتدال والقدرة على رؤية العلاقات الصحيحة بين الأشياء، وبدونهما تصبح العبقرية على شفا الجنون. لقد وجد براهين قوية وحافزة تبرِّر له اتخاذ كل الخطوات التي تُفضي به إلى السلطة التي تُصيبه بالدوار، فعندما طلب منه زعماء الجمهورية السيزالبية (جمهورية الألب الشمالية Cisalpine) المتمركزون في ميلان أن يساعدهم في وضع دستور قدم لهم واحداً ينص على اختيار ثلاثة منتَخبين (بفتح التاء) يختارون لجنة من صلاحياتها تعيين أعضاء الهيئة التشريعية ومجلس الشيوخ ومجلس الدولة الذين يختارون بدورهم الرئيس (ويتم اختيار المنتخبين الثلاثة من ملاك الأراضي ورجال الأعمال والفنيين على التوالي).

وبالفعل اجتمع المندوبون في ليون في يناير سنة ١٨٠٢ وأقروا هذا الدستور ودعوا نابليون الذي كانوا ينظرون إليه كإيطالي في فرنسا - ليكون أول رئيس للدولة الجديدة. فقدم من باريس ليخطب فيهم بالإيطالية، وفي ٢٦ يناير أصبح قنصل فرنسا الأول هو رئيس الجمهورية الإيطالية وسط مظاهر الفرحة والابتهاج. واعترى الذهول كل أوروبا فماذا بعد، وماذا سيفعل هذا الساحر المنوِّم في خطوته التالية.

وزاد الحذر عندما ألحق بيدمونت Piedmont بفرنسا. لقد احتل الفرنسيون قدم الجبل