(عدم المساواة) في الرواتب أو المكافآت أو الدخل، ومن ثم في الممتلكات هذا التفاوت (عدم المساواة) لا يمكن الإبقاء عليه إلاّ بالدين … لابد أن يكون في مقدورنا أن نقول للفقير:
"تلك إرادة الله. لابد أن يكون هناك غني وفقير في هذا العالم لكن في الآخرة حيث الخلود، سيكون هناك توزيع مختلف" ومن أقواله إن: "الدين ينسب إلى (فكر) الله فكرة المساواة التي تنقذ الأغنياء من مذبح يقيمها لهم الفقراء".
وإذا كان هذا صحيحاً فقد أخطأت حركة التنوير في مهاجمتها للمسيحية وأخطأت الثورة الفرنسية في وضع العراقيل في سبيل الدعوة للكاثوليكية. فانعدام الحكومة على المستوى الفعلي والخلقي الذي قاسينا منه نتيجة الفوضى العقلية الأخلاقية - انهيار الإيمان وإنكار العقيدة كانا استهلالاً له أو سبقاه فكان انعدام الحكومة نتيجة لهما:
"وربما لهذا السبب ولأغراض سياسية أعاد نابليون الكنيسة الكاثوليكية لتكون حارساً مقدّسا للأمة الفرنسية"
وهو - أي نابليون - لم يفسرّ هذا التحالف الجديد مع الكنيسة بمعنى ارتباطه بالوصايا العشر، وإنما كان يطوف حولها - أي هذه الوصايا - بين الحين والحين ومع هذا فقد دفع رواتب القسس ليبشروا بها لجيل مرتعب من الفوضى ومستعد للعودة إلى النظام.
وكان معظم الآباء والمعلمين سعداء بالحصول على عون العقيدة الدينية لتنشئة أبنائهم وتربيتهم - لمواجهة النزوع الطبيعي للشباب إلى الفوضى - بالقوانين الأخلاقية القائمة على أسس من التقوى الدينية وأسس من حب الآباء لأبنائهم وولاء الأبناء لآبائهم، باعتبارها - أي هذه الأسس - من عند الله المطّلع على كل شيء والذي يعاقب المخطئ عقاباً أبدياً، ويثيب المصيب ثواباً أبدياً، وكان معظم أفراد الطبقة الحاكمة ممتنيّن لعملية تعليمية تُفرز رأياً عاماً يقبل بمبدأي التفاوت (عدم المساواة) في القدرات والممتلكات باعتبار هذا من الأمور الطبيعية التي لا مفر منها. فأبناء الأرستقراطية القديمة قد جرى إيجاد المبرّرات لهم بالقول أنهم طهرَّوا ثرواتهم بما لهم من أفضال وبأسلوب حياتهم،