وقد أصرّت المدوّنة القانونية النابليونية على أن الرجال قوّامون على النساء قوامةً مطلقة، بل وقوَّامون على ممتلكاتهن، واعتبرت ذلك (أي مدوّنة نابليون) مسألة ضرورية لتحقيق الانضباط الاجتماعي. لقد كتب نابليون إلى جوزيفين في سنة ١٨٠٧:"لقد كُنت دائماً أعتقد أن المرأة خُلِقت للرجل، والرجل للوطن والأسرة والمجد والشرف". وبعد معركة فريدلاند Friedland (١٤ يونيو ١٨٠٧) التي شهدت مذبحة مروّة على الجانبين وضع نابليون برنامجاً دراسياً لمدرسة تُبنى في إكوين Ecouen " للبنات اللائي فقدن أمهاتهن واللائي ليس لهن أهل قادرون على إعالتهن".
"ماذا يجب أن تتعلّم البنات في إكوين؟ يجب أن نبدأ بتعليمهن الدين بكل صرامته .. فما نطلبه من تعليم البنات هو أن يجعلهن مؤمنات لا مفكّرات، فضعف عقول النساء وكونهن غير مستقرات في أفكارهن (يحركهن الهوى) … يجعلهن في حاجة إلى الإذعان الدائم .. ولا يمكن الوصول لكل هذا إلا من خلال الدين .. إنني لا أريد لهذه المدرسة أن تُخَرّجَ نساء ذوات فتنة وإنما نساء ذوات فضيلة ولابد أن يكن جذّابات بحكم مبادئهن السامية وقلوبهن الدافئة لا بحكم ظُرفهن وكونهن مُسلِّيات .. وبالإضافة لهذا لابد أن نعلِّم البنات الكتابة والحساب ومبادئ اللغة الفرنسيّة … ولا ضرورة لتدريس اللاتينية لهن .. ولابد من تعليمهن إجادة كل أعمال المرأة .. ولا مجال لأن يقوم الرجال بالتدريس للبنات، فلا يجب أن يكون في المدرسة رجل إلاّ الناظر .. حتى أمور حديقة المدرسة يجب أن يقوم عليها النساء ".
وكانت فلسفة نابليون السياسية غير متسقة بالقدر نفسه. فما دام كل الناس قد وُلدوا غير متساوين فلا مناص من أن الأقلية وهي التي تمتلك العقول الأقوى هي التي ستحكم الأغلبية بقوة السلاح والفكر (الكلمة)، ومن ثمَّ فإن يوتوبيا المساواة ما هي إلاّ خرافة مسلّية (أو بتعبير آخر إن هي إلاّ أساطير) يقول بها الضعفاء، فالصيحات الفوضوية المطالبة بالتحرر من القوانين والحكومات، إنما هي تضليل فج يدل على عدم النضوج كما يدل على عقول مستبدّة.
والديمقراطية لعبة يستخدمها الأقوياء ليُخفوا بها حُكمهم الأوليجاركي (الأوليجاركية تعني حكم الأقلية التي تعمل لصالحها في ظل نظام ظاهره جمهوري)