١٨١٣ كان من المتوقع أن يكون كل معلّمي الكليات من خريجي دار المعلمين، وبدأ العِلم يسود على حساب الدراسات الكلاسيكية في مناهج الكليات وأصبح هو الذي يَسِمُ الروح العامة لفرنسا المتعلمة.
وتحولت مدرسة البوليتقينة Ecole Polytechnique التي أسست خلال الثورة إلى الأكاديمية العسكرية حيث وُضعت العلوم الفيزيقية في خدمة الحرب، وبقيت عدة جامعات في المحافظات حتى بعد انتهاء انتصارات الإمبراطور العسكرية، وسُمح بإقامة كليات خاصة بعد الترخيص لها من الجامعة وعلى أساس خضوعها للتفتيش الدوري. وبعد استتباب الأمور سُمِح لأفراد من المحاضرين باستخدام قاعات الجامعة لتقديم برامج دراسية خاصة وسُمح للطلبة بحضور هذه البرامج وفقاً لرغباتهم.
وكان على رأس الهرم الفكري المعهدُ الوطني الفرنسي. وأعيدت الأكاديمية الفرنسية التي كانت قد ألغيت في سنة ١٧٩٣ لتكون في سنة ١٧٩٥ بمثابة القسم الثاني للمعهد الجديد. وكان نابليون فخوراً بعضويته في المعهد لكن عندما تجرأ قسم السياسة والأخلاق في المعهد في سنة ١٨٠١ على تقديم محاضرات عن كيفية إدارة دفّة الحكم، أمر نابليون الكونت لويس - فيليب دي سيجور de Segur أن يخبر القسم الثاني في المعهد أنني لا أسمح أن يناقش الأعضاء في اجتماعاتهم موضوعات سياسية وكان المعهد يضُم في ذلك الوقت كثيراً من الثوّار القدامى المؤمنين بالتنوير والثورة وقد عبَّروا عن سخطهم بالضحك أو البكاء لإعادة الكنيسة الكاثوليكية بشكل رسمي. واستخدم كاباني Cabanis وديستوت دي تراسي Destut de Tracy كلمة أيديولوجية للتعبير عن دراسة تكوين الأفكار.
وقد أطلق نابليون على هؤلاء السيكولوجيين والفلاسفة اسم الأيديولوجيين ideologues وقال عنهم: "إنهم أناس غارقون في الأفكار ويُعربدون بالمنطق والعقل لدرجة تجعلهم غير قادرين على فهم حقائق الحياة والتاريخ". وكان نابليون يرى أن المفكرين الذين ينشرون أفكارهم عبر منشورات لا يُحصى عددها يشكلون عقبة في سبيل الحكومة الصالحة. ومن أقواله:"إن من يجيدون الكتابة ويتمتعون بالفصاحة ليس لديهم القدرة الحاسمة على الفصل في الأمور" وقد حذَّر نابليون أخاه جوزيف الذي كان يحكم وقتها نابلي (١٨ يوليو سنة ١٨٠٧) قائلا: