للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان من الممكن أن يوافق نابليون في فترة شبابه على هذا التقويم لكن كان لا بد أن ينزعج من وجه نظر المؤلفة عن العلاقة بين الأدب (والفكر) والحكومة. فالديمقراطيات (كما اعتقدت مدام دي ستيل) تجنح إلى جعل الكُتَّاب والفنانين يجنحون إلى إرضاء أذواق الجماهير بينما تعمد الارستقراطيات إلى جعل الكتاب والفنّانين يعملون على إرضاء أذواق النُّخبة (الخاصّة) وتشجيع الفكر المصقول المحكم ورصانة الصياغة والشكل.

فنظام الحكم الاستبدادي يعمل على ترقية الفنون والعلوم ليُظهر نفسه - أي هذا الحكم الاستبدادي - من خلال البهاء والقوة، ولكنه - أي النظام الاستبدادي - لا يشجع الفلسفة والدراسات التاريخية لأنها خطر على الدكتاتورية بسبب تناولها للأمور بعمق وسِعَة، والديمقراطية تحفز الآداب وتؤخّر الفن، والارستقراطيات تفرض الذوق لكنها تعمد إلى إطفاء الحماسة والجدة والإبداع، والحكومة المطلقة (الاستبدادية) تكبت الحريات والإبداع والفكر. فلو أمكن أن يكون لفرنسا حكومة دستورية تُزاوج ما بين النظام والحرية لأمكنها أن تزاوج بين تشجيع الديمقراطية والقيود المفروضة بحكمة في ظل حكم القانون.

نقول الحق تماماً إن هذا الكتاب كان كتاباً جديراً بالاهتمام بالنسبة لامرأة في الرابعة والثلاثين من عمرها، وتمتلك سبعة ملايين من الفرنكات. وبطبيعة الحال كانت هناك أخطاء في هذا الكتاب ذي الستمائة صفحة لأنَّ العقل عندما يفلت يكون عُرضة للزَّلل بشكل أكيد رغم أنه قد يُسْقِط بعض الثمار التي يتعذَّر الإمساك بها (المراوغة). لقد كانت مدام دي ستيل شخصية غامضة في مجالي التاريخ والأدب، لقد كانت ترى أنَّ الايرلنديين ألمان وأن دانتي شاعر صغير (قليل القيمة) بل لقد دافعت بشجاعة عن الحكومة الليبرالية وعن المسيحية القائمة على أسس عقلية فأسقطت في طريقها مئات من المُسلَّمات.

وتنبّأت بأن تطوّر الإحصاءات قد يجعل الحكومة أكثر وعياً وأن التعليم السياسي قد يساعد في إعداد مرشحين للوظائف العامة. ولاحظت وكأنها تتنبّأ أن التقدم العلمي سيجعل التقدم الخلقي أمراً لا مناص منه لأنه إذا زادت قوة الإنسان زادت قوةً وسائل منعه من إساءة استخدامها وقلما كانت هناك فكرة من أفكار القرن الثامن عشر لم