للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلسطين. فترك زوجته في البندقية (فينيسيا) وذهب إلى كورفو Corfu، فأثينا، فسميرنا Smyrna، فالقسطنطينية (استانبول) فالقدس، وعاد عن طريق الإسكندرية، فقرطاجة Carthage، فأسبانيا ووصل إلى باريس في يونيو ١٨٠٧. ولقد أظهر شجاعة وقوة احتمال في جولته الشاقة، وكان أثناء الطريق يجمع بجد ومثابرة مواد لكتابين عزَّزا شهرته الأدبية: الكتاب الأول عن الشهداء " Les Marytrs de Diocletien" (١٨٠٩) والكتاب الثاني عن رحلته للقدس " Itineraire de Paris a Jerusalem" (١٨١١) .

وبينما كان يُعد لهذين المجلّدين أظهر عداءه لنابليون (الذي كان يتفاوض في تيلسيت Tilsit للوصول إلى سلام) بكتابة مقال في جريدة Mercure de France (ميركيور دي فرانس، والعبارة تعني المؤشر الزئبقي لفرنسا) وفي ٤ يوليو سنة ١٨٠٧. حقيقة أن هذا المقال كان عن نيرون Nero وتاسيتوس Tacitus لكنه كان ينطبق بالفعل على نابليون وشاتوبريان:

"في الصمت الذليل عندما لا تسمع تنهيدة فلتفكَّ أغلال العبد، ولتطلق حنجرة الراوي (المؤرّخ)، وعندما تكون الرجفة من الطاغية، ويصبح رضاه وسخطه خطراً على نحو سواء، هنا يظهر المؤرّخ ويُصبح مؤتمناً على مهمة الانتقام للأمة. لقد كان ازدهار نيرون ونجاحه عبثاً (بلا جدوى) لأن تاسيتوس Tacitus كان بالفعل موجوداً في أنحاء الإمبراطورية (المقصود موجوداً بفكره وكتاباته). لقد نشأ مغموراً (غير معروف) إلى جانب بقايا جيرمانيكوس Germanicus وكان الله العادل قد سلّم بالفعل لطفل غامض (المقصود نيرون) مجد سيادة العالم. إذا كان دور المؤرخ دورا عادلا، فغالباً ما يتعرض للأخطار، لكن هناك مذابح altars (أي أماكن للعبادة) كما أن هناك ميادين للمجد، ومع أن هذه المذابح (أماكن العبادة) مهجورة (لا يرتادها كثيرون) إلا أنها تحتاج لمزيد من التضحيات .. فحيثما توجد فرصة الثروة لا تجد مؤرخاً يحاول الاستحواذ عليها. فالأعمال التي تتسم برحابة الصدر وسعة التفكير هي الأعمال التي نتيجتها التي يمكن التنبؤ بها هي المحنة والموت. ومع ذلك ماذا لو سبب ذكر اسمنا - الذي تردده الأجيال - طعنة في قلب كريم واحد، بعد ألفي عام من موتنا؟ ".