للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التقوى، ولم يكن أمام الرجل سوى الخمَّارة. وكان السُّكر (تناول الخمر) يتم كل أسبوع. وكان سكان البيوت يحصلون على المياه من الآبار والطلمبات العامة فإذا ما قلَّ معين الماء في هذين المصدرين راحت النسوة يحملن الماء من أقرب نهر أو ترعة، وكانت هذه المياه ملوثة بالمخلفات الصناعية أو المنزلية أو البشرية.

وكان الصرف الصحي بدائيا وكانت البالوعات نادرة الوجود. وكتب ثورولد روجرز Thorold Rogers في سنة ١٨٩٠ عندما كان أستاذاً للاقتصاد السياسي في أكسفورد: "إنني مُوقن أن التاريخ الإنجليزي الموثَّق لم يسجِّل في أي فترة من فتراته ظروفاً أسوأ للعمل اليدوي من تلك الظروف التي كانت موجودة في الأربعين سنة الممتدة من ١٧٨٢ إلى ١٨٢١ وهي الفترة التي جمع فيها أصحاب المصانع ثرواتهم بسرعة، وهي الفترة التي تضاعفت فيها أجور الأرض الزراعية".

وقد استمرت هذه الأحوال حتى سني الأربعين من القرن التاسع عشر (١٨٤٠). وقد لخّص كارليل Carlyle الذي نشأ في اسكتلندا وإنجلترا ما بين سنتي ١٧٩٥ و ١٨٤٠ حال عامل المصنع البريطاني في تلك الفترة بأن قال: إن البريتون Briton كانوا في حالة أفضل منه عندما كانوا أقنانا (عبيداً للأرض) في العصور الوسطى. فالتقدم الصناعي جعل للبروليتاري نصيباً تافهاً جداً من الثروة المتنامية، حتى إنّها جعلته يرتد إلى مرحلة البربرية في مسلكه ولباسه وطريقة حديثه والأسلوب الذي يتَّبعه للترفيه عن نفسه. وقد كتب أليكسيس دي توكفيل Alexis de Tocqueville بعد زيارته لمانشستر: "لقد كاد الإنسان المتحضر يتحول إلى همجي بدائي. ويرجع الفضل إلى هذه الأيام المريرة فيما حققته مانشستر والمدن الصناعية البريطانية الأخرى من تقدم".

وقدَّم قانون الفقراء الذي سُنّ في سنة ١٦٠١ (وجرت عليه تعديلات في فترات لاحقة) بعض المساعدة للمعدمين والعاطلين. وكان العاملون على تنفيذه مسئولين إداريين في الوحدات الإدارية المختلفة وكانوا عادة ما يسلّمون المبالغ المجمّعة للملاجئ وإصلاحيات الأحداث. ولتمويل تنفيذ هذا القانون كان لابد من ضريبة خاصة مفروضة على أرباب البيوت الذين كانوا متذمرين من هذه الضريبة لأنها - على حد رأيهم - تُنفق على العاطلين وعديمي النفع وتساعد على تفريخ الطائشين والمهملين، وكان من رأيهم أن ضريبة المبيعات