للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحياة بالكاد ليست إلا خطوة واحدة من المجاعة، وهي تترك الذين يتلقون العون على وفق هذه لهذه القوانين نهباً للجريمة، وتجعلهم يتفرغون للتناسل، واقترح أوين (١٨١٧) بدلا من بيوت التشغيل Work houses التي تُدار في ظل هذه القوانين أن تقيم الدولة مجتمعات كل منها يتكوّن من ٥٠٠ أو ١،٥٠٠ نفس، وتنظم كل منها نفسها تنظيما داخليا ويقتسمون العمل فيما بينهم لإنتاج طعامهم وملابسهم وليديروا مدرستهم.

ولم تلق دعوته إلا استجابة قليلة الشأن من البرلمان، فتوجه في سنة ١٨١٨ إلى أصحاب المصانع البريطانيين يصف لهم نجاح النظام الذي اتبعه في نيو لانارك ويحثّهم أن يكفّوا عن تشغيل الأطفال دون الثانية عشرة من أعمارهم، لكنهم لم يجدوا ذلك متفقاً معهم وامتعضوا من تحليل أوين للركود الاقتصادي باعتباره راجعا إلى كون الإنتاج inventive productivity يتجاوز القدرة الشرائية للسكان. لقد رفضوه باعتباره حالما ملحدا لا يفهم فهما حقيقا حقيقة المشاكل التي يواجهها أصحاب العمل، ولا الحاجات البشرية التي لا يستطيع أن يشبعها إلاّ الدين.

وأخيراً عاد أُوين Owen إلى العمال أنفسهم فتوجه إليهم بخطاب إلى الطبقة العاملة (١٨١٩)، ولقد أسعدهم بإعلانه: "أن العمل اليدوي إذا تم توجيهه بشكل صحيح هو مصدر الثروة كلها ومصدر الرخاء والازدهار للأمة" ولكنه حذرهم من أن "إنجلترا وطبقاتها العاملة ليست مستعدة للاشتراكية"، وأنكر أي نيّة يُضمرها لتقديم اقتراح للحكومة البريطانية بضرورة تعيين كل القادرين على العمل في البلاد، تعيينا مباشرا. ورفض قيام الحكومة بأية إجراءات متطرفة كما رفض القيام بثورة لأنها ستثير الأحقاد والكراهية والثأر وعلى أية حال فقد أعلن في سنة ١٨٢٠ في (تقرير إلى أصحاب الأراضي في لانارك): "أن إنجلترا الآن لا تحتاج إلى إصلاحات تدريجية وإنما إلى تغيير جذري في نظامها الاجتماعي".

وعندما لاقى إحباطاً في إنجلترا وجه وَجْهَهُ آملاً شطر الولايات المتحدة الأمريكية حيث كان أصحاب فرق دينية مختلفة قد أقاموا بعض التجارب الاشتراكية. ففي سنة ١٨١٤ قامت جماعة من التقويين Pietists الألمان الأمريكيين بشراء ثلاثين ألف فدان (أكر) على طول نهر