للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عندها تمتد أحياناً من الساعة التاسعة إلى منتصف الليل، وكان يكن أن تمر بمراحل مختلفة: حساء، سمك، دجاج أو غيره من الطيور، لحوم، لحم غزال أو غيره من لحوم الطرائد، حلوى أو فاكهة، ونبيذ معدّل حسب الرغبة.

وبعد تناول الحلوى أو الفاكهة تفارق النسوة المائدة حتى يتناقش الرجال بحرية في أمور السياسة والخيل والنساء. وكانت مدام دي ستيل de Stael تعترض على هذا الفصل بين الرجال والنساء بعد تناول الحلوى أو الفاكهة لأن هذا يزيل الباعث إلى الاحتشام وإلى العادات والتصرفات المهذبة، كما أنه يُقلل من سعادة الجماعة. ولم تكن آداب المائدة (الإتيكيت) في إنجلترا بالأناقة نفسها التي هي عليها في فرنسا.

وكانت العادات بشكل عام حميمة وخالية من التصنع (مباشرة) وكان الحديث يُتَبَّل بكلمات لا تتناول الذات الإلهية بوقار (كلمات ذات طابع تجديفي). لقد اشتكى رئيس أساقفة كانتربري Canterbury قائلا إن الكلمات المنطوية على التجديف تزداد يوماً بعد يوم بسرعة وكان التلاكم Fisticuffs منتشرا بين الطبقات الدنيا، وكانت الملاكمة boxing رياضة أثيرة، وكانت الملاكمة بقصد الحصول على جائزة (الملاكمة التكسبية) تجذب المنظمين الطامعين من كل الطبقات. ولقد وصلنا وصف مكثف معاصر لهذه المباريات من روبرت سوثي Southey (١٨٠٧) :

عندما يتم الإعداد لمباراة بين اثنين كل منهما يبغي الحصول على الجائزة سرعان ما تصل الأخبار للناس عن طريق الصحف، فتظهر فقرات فيها في مناسبات مختلفة متناولة المتنافسين وكيف يتدربون، وما هي التمارين التي يقومون بها، وكيف أن أحدهم يتناول اللحم النيئ استعداداً للمباراة. وفي هذه الأثناء يختار الهواة والمقامرون أحد الطرفين لينحازوا إليه أو يقامروا على فوزه أو إخفاقه، وتظهر المراهنات في الصحف أيضاً، وفي حالات غير قليلة ينخرط الجميع في المراهنات حتى إن عدداً قليلاً من المحتالين الأوغاد قد يخدعون أعدادً كبيرة من الأغبياء.

ويتجمع جمهور غفير يصل أحياناً إلى عشرين ألفاً وكأن هذا التجمع ولهذا الغرض بديلٌ عن الثورة والتمرد (أو بتعبير أدق تسامٍ بهذه الرغبة) وقد أوصى اللورد ألثورب