للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من يجعل سلطان كل فرد متناسبا مع ممتلكاته لقد كانت كتاباته قوية ومؤثرة فزاد توزيع الجريدة كثيرا أثناء كتابته فيها. لكن عاما من العمل الشاق أسهم في تدمير صحته. وعندما عاد إلى جريتا هول (١٨٠٢) كان منهاراً صحيا ومعنويا - آلام بدنية، وانصراف عن الزوجة، وبُعد عن الحب وأصبح عبدا للأفيون. وكان قد بدأ في تناول الأفيون في سنة ١٧٩١، وهو في التاسعة عشر من عمره لتهدئة أعصابه وتخفيف آلامه وجلب النوم ووقف ما حاق به من تدهور في القلب والرئتين. وعندما وافاه النوم المتقطع أخيرا اجتاحته في أثنائه الأحلام المروعة (الكوابيس) التي أشار إليها في آلام النوم (١٨٠٣).

حشد شيطاني شرير،

خليط غريب من الرغبة والقرف،

أشياء كريهة وحشية يختلط بعضها ببعضها الآخر،

عواطف جامحة وهدير مثير،

وخجل، ورعب شامل.

ويخبرنا في مذكراته عن بشر خياليين على سطح القمر:

"إنهم مثل البشر على الأرض في كل شيء إلا أنهم يأكلون بمؤخراتهم (إلياتهم - جمع إليه) ويتبرزون (يتغوطون) في أفواههم .. ولا يمارسون التقبيل كثيراً ".

لقد كانت تعتريه الأحلام المزعجة (الكوابيس) مثل غالبنا، لكن أحلامه المزعجة هذه كانت حية جدا تكاد تكون حقيقية حتى إنه كان - في بعض الأحيان - يوقظ ساكني المنزل بصراخه.

وربما فتحت له آلامه وما يتناوله من عقاقير آفاقا جديدة وأتاحت له صورا ذهنية ومدركات حسية وخيالات غير متاحة للعقل العادي، رغم أنها - أي هذه الأمراض وتلك العقاقير - كانت تشوش على أفكاره وتضعف إرادته. على أية حال فقد كان محصوله المعرفي لا يبارى في جيله، فهو في هذا يفوق وردزورث بمراحل، فلم يكن وردزورث يستطيع أن يتحدث في غير قصائده، بينما كان الحوار مع كولردج - حتى في فترة تدهوره