الصعبة على إعادة الانضباط والتوافق بين عناصر الأمة مع وجود الوحدة أيضا، فالملكية تمثل استمرارا، تاريخيا، كما أنها تعطي الإحساس النفسي بالانتماء لكيان واحد (الوحدة).
وبعد شهرين من هذا البيان التاريخي الناري نشر بروك (خطابًا إلى عضو الجمعية الوطنية الفرنسية)، وفي هذا الخطاب قدم لنا أساسًا فلسفيا للاتجاه المحافظ Conservatism (وقدمه أيضا بشكل أكثر اكتمالا في: خطاب إلى لورد نبيل ١٧٩٦) إن أي فرد مهما أوتي من العلم والعبقرية لا يمكنه بعمره المحدود أن تكون لديه الحكمة والمعرفة اللتان تكفلان له الحكم الصحيح على هذا التراث وتلك التقاليد المتوارثة المعقدة والمصقولة (المهذبة) والدائمة، ذلك التراث وتلك التقاليد المشتملة على تجارب المجتمع والأمة وأحكامهما. إن هذه التقاليد المتوارثة هي تيار تدفق مارا بآلاف الخبرات والتجارب في معمل عظيم اسمه التاريخ. ما كان للحضارة أن تظهر إذا لم تكن أسباب ممارسة الواجبات المعنوية وأسس المجتمع واضحة ومقنعة لكل فرد (٥)). وعلى هذا فالدين لا يمكن شرحه إلا بجهد جهيد للشباب لقلة معلوماتهم، وابتهاجهم بالتحرر العقلي. إن هؤلاء الشباب لن يقدروا ما يؤديه خدمات في ضبط المجتمع والحد من غرائز الأفراد والنزاع الفردي غير المنضبط إلا بعد أن تصبح لديهم خبرات كثيرة عن الطبيعة البشرية وبعد أن يدركوا قوة الغرائز البدنية. وإذا كان لابد أن نكشف عرينا ونهتك سترنا (بإطلاق غرائزنا) بتخلينا عن الدين المسيحي .... الذي كان أحد المصادر الكبرى الحضارتنا .... فلا بد أن نتوقع شرا، فلا بد أن خرافات ومعتقدات أخرى ستحل محلها … معتقدات خرقاء مؤذية مهلكة ومنحطة (٦)). وعلى النحو نفسه فمن الصعب أن نشرح لشاب قد ركن إلى العقل منذ فترة وجيزة وهو يحسد جاره، لفضائله، أن الإنسان ذا القدرات الفائقة لن يمر خلال تدريبات طويله ومكلفة لتحصيل مهارات مفيدة اجتماعيا أو لحث نفسه على وضعها موضع التنفيذ إلا إذا سمح له بالاحتفاظ بقدر من أمواله كهبة لأولاده وأكثر من هذا فإن المجتمع البشري ليس مجرد تجمع أشخاص في مكان وإنما هو أيضا توالي الأشخاص (الأجيال) عبر الزمن - إنه من أشخاص وافتهم منيتهم وأشخاص لا يزالون أحياء أولم يولدوا إنه استمرار للأبدان والدماء الأجيال. هذه الاستمرارية موجودة فينا بشكل أعمق أكثر من اجتماعنا في بقعة