القصوى، وكان يعتريه الأسف - بشكل واضح - لذلك، لأنه يعلم مهمة رجل البحر وطبيعة عمله ونادرا ما كان يخطئ في تكتيكاته أو أوامره، وقد واجه هو نفسه مدافع الأعداء وبنادقهم وقد جعل رجاله يؤمنون أنهم لن يخذلوه أو يخذلوا إنجلترا أبدا ولن يسمحوا للهزيمة أن تلحق بهم أبدا. تلك لمسة نلسون Nelson touch) التي جعلت هؤلاء المجرمين يحبونه.
وفي ٨ يوليو ١٨٠٣ انضم نلسون إلى سفنه الإحدى عشرة في البحر المتوسط في مواجهة طولون، ووجد فيلينيف في مينائها الرحب حماية لأسطوله بإطلاق مدافع حصون الميناء (على أسطول العدو). وكان الأدميرال الفرنسي قد تلقى مؤخرا أوامر جديدة من نابليون: أن يهرب من طولون ويقتحم طريقه في جبل طارق وأن يبحر إلى جزر الهند الغربية لينضم إلى أسطول فرنسي آخر هناك وأن يهاجم أي قوة بريطانية يلقاها. وبينما كانت سفن نلسون تتزود بالمياه في ميناء سرديني هرب فيلينيف بسفنه من طولون (٣٠ مارس ١٨٠٥) وأبحر قاصدا. أمريكا. وتعقبه نلسون لكنه كان متأخرا عن الوقت اللازم، ووصل نلسون إلى باربادوس Barbados في ٤ يوليو وهناك سمع أن فيلينيف يعود الآن عبر الأطلنطي وانضم إليه عند كورونا Corunna أسطول إسباني من ١٤ سفينة بقيادة الأدميرال فيدريكو دي جرافينا (١٦). وصدرت الأوامر من نابليون بالإبحار شمالا للانضمام إلى قوة فرنسية أخرى في بريست Brest ومحاولة السيطرة على القنال الإنجليزي قبل وصول نلسون من جزر الهند الغربية لكن سفن فيلينيف بعد جولتها في الكاريبي لم تكن في حالة تسمح لها بخوض معركة. وفي ١٣ أغسطس قاد أسطوله الذي أصبح كبيرا جنوبا إلى ميناء قادش جيد التحصين والمزود بإمكانات كبيرة وبدأ هناك في إعادة تأهيل سفنه وبث العزم في رجاله، وفي أواخر شهر أغسطس تولى أسطول بريطاني بقيادة لواء بحري كثبرت كولنجوود Cuthbert Collingwood مهمة مراقبة اسطول فيلينيف. وكان نلسون قد ظن أنه بعد أن أكمل كوميديا عبوره أنه هو أيضا وكذلك رجاله في حاجة إلى الراحة وسمح له (بضم الميم) بقضاء عدة أسابيع مع خليلته في مرتون Meton . وفي ٢٨ سبتمبر لحق بسفنه بكولنجوود قبالة قادش وراح ينتظر نافد الصبر قدوم الأسطول الفرنسي لخوض معركة معه.