لقد انعكست طبيعة الإيطاليين الانبساطية (غير الانطوائية) ولغتهم الشجية ونزوعهم الموسيقي إلى الشعر، فقد شهد هذا العصر القصير - حتى بعد استسلام ألفيري للماضي وليوباردي Leopardi للمستقبل - مائة شاعر يتسلقون الشكل الشعري ويركزون عليه أكثر من تركيزهم على محتواه العاطفي (المدرسة البرناسية Parnassus الفرنسية التي طغى اهتمامها بالشكل الشعوري على ما سوى ذلك)، وكان أسعدهم هو فينسينزو مونتي Vincenzo Monti (١٧٥٤ - ١٨٢٨) الذي كان لديه كلمات طيبة يقولها في كل موضوع واعد. لقد دافع في عمله La Bassevilliana (١٧٩٣) عن الدين في وجه الثورة الفرنسية مما جعله مقبولا في البلاط الباباوي، وفي عمله (Il bardo della Selva Nera) المنشور في سنة ١٨٠٦ عظم من شأن تحرير نابليون لإيطاليا فعينه الفاتح (نابليون) أستاذا في جامعة بافيا Pavia وبعد سقوط نابليون اكتشف أخطاء الفرنسيين وأعلنها كما اكتشف فضائل النمساويين. وخلال كل هذه التقلبات راح يمتدح بشكل متواصل (La ballezza dell، Universo) .
وقد تخطى هذه الشطحات في ترجمته للإلياذة (١٨١٠)، ولم يكن يعرف من اللغة اليونانية شيئا، وإنما قام بصياغة شعرية لنص نثري، لذا فقد وصفه فوسكولو بهذه العبارة: gran traduttor dei traduttore d'Omero وكان أجو فوسكولو Ugo Foscolo (١٧٧٨ - ١٨٢٧) شاعرا أكبر منه وكان أكثر ميلاً منه للحزن. وهو كشاعر كان ذا حس عاطفي يغلب على التفكير المنظم. لقد أطلق العنان لرغباته وانتقل من قصة شعرية قوامها الحب والفروسية إلى قصة أخرى، ومن بلد إلى بلد ومن بشارة gospel إلى أخرى، وانتهى إلى اشتياقه للأحلام القديمة. لكن خلال كل مراحل تطوره كان حريصا على الالتزام بالشكل الشعري، وحتى عندما استبعد الوزن والقافية راح يسعى للكمال في موسيقى اللغة.
لقد ولد بين عالمين - ولد في جزيرة زانطة Zante بين اليونان وإيطاليا، من أب إيطالي وأم يونانية، وبعد أن قضى في زانطة خمسة عشر عاما انتقل إلى البندقية واقتطف من جمالها السهل ووقع في حب تهتكها وتعلم أن يكره السيطرة النمساوية المجاورة، وفرح عندما أتى