نابليون كإعصار من نيس Nice إلى مانتوا Mantua، وهتف لبطل أركول Arcole: بونابرت المحرر، لكن عندما سلم المخلص (نابليون) البندقية للنمسا انقلب عليه معبرا عن سخطه في رواية (Le Ultime Lettere di Lacopo Ortis) التي نشرها في سنة ١٧٩٨، وهي رواية يعبر فيها عن أفكاره من خلال الخطابات الأخيرة التي كتبها بندقي (Werther) لأحد أصدقائه يقص عليه فيها مأساته المزدوجة: فقده حبيبته إذ فاز بها غريمه، وفقده البندقية تلك المدينة الحبيبة إذ وقعت في قبضة الغول التيوتوني Teutonic Ogre.
وعندما انطلق النمساويون لغزو شمال إيطاليا مرة أخرى انضم فوسكولو للجيش الفرنسي، وحارب بشجاعة في بولونيا Bologna (مدينة إيطالية) وفلورنسا وميلان وخدم قائداً Captain في القوات التي أعدها نابليون لغزو إنجلترا. وعندما تبدد حلم غزو إنجلترا، تخلى فوسكولو عن الحرية وعكف على القلم وعاد لإيطاليا ونشر أجمل أعماله (I Sepolcri) في سنة ١٨٠٧.
لقد احتفى في هذه الرواية البالغ عدد صفحاتها ثلاثمائة صفحة مفعمة عاطفة مصقولة على نحو كلاسيكي بالكتابات على القبور باعتبارها تخليدا لذكرى أناس عظماء، وعظم من شأن كنيسة سانتا كروز Santa Croce في فلورنسا لعنايتها الشديدة ببقايا مكيافيللي وميشيل أنجلو وجاليليو، وراح يتساءل كيف يخضع شعب أنجب خلال قرون عديدة هذا العدد الكبير من رواد الفكر والإنجاز لحكام أجانب؟ كيف يخضع مثل هذا الشعب بإنجازاته الهائلة في الفلسفة والشعر والفن لهؤلاء الأجانب؟ وراح يعلي من شأن ما خلفه الرجال العظماء كدليل على الخلود، وكدليل على عظمة أمة وسمو حياتها الروحية.
وعندما أصبح النمساويون مرة أخرى سادة لشمال إيطاليا (١٨١٤ - ١٨١٥) فرض فوسكولو على نفسه النفي فأقام في سويسرا ومنها اتجه - بعد ذلك - لإنجلترا، وراح ينفق على نفسه من عمله مدرساً وكاتب مقالات ومات في فقر شديد سنة ١٨٢٧. وفي سنة ١٨٧١ نقل رفاته من إنجلترا إلى فلورنسا حيث دفن في سانتا كروز في إيطاليا التي تحررت أخيرا.