إخراجها للناس، واتسمت بغرابة بدائل شكلها النهائي، فكانت تلقى القبول بشكل عام.
وليس فيها أثر لهرطقاته التي كانت تظهر في بعض المناسبات والتي شككت في عقيدته الكاثوليكية الموروثة، فكل نبضة في هذه الليتورجية liturgy (موسيقى القداس) تتفق مع موسيقى الكونكوردات (موسيقى التوافق مع الكنيسة الكاثوليكية) ومن خلال نغماتها كلها يمكن أن نسمع عقيدة يائسة لرجل يموت. لقد كتب في مستهل بيان عقيدته في مخطوطة قطعته الموسيقية:" الله فوق الجميع - الله لم يتخل أبداَ عني " لقد كانت موسيقاه في موسيقى القداس هذه تعبيرا قويا جدا عن التواضع المسيحي لكن التركيز الشديد عل كل جزء وفقرة، وما يساند ذلك كله من جلال وفخامة جعلت هذه المقطوعة الموسيقية (Missa Solemnis) أضحية أخيرة ومناسبة لروح حائرة لله الذي لا يسبر أغواره أحد incomprehensible
وفي فبراير سنة ١٨٢٤ أكمل سيمفونيته التاسعة التي ناضل فيها ليعبر عن فلسفته الأخيرة - أن يقبل الإنسان قدره بسعادة - وليكسر كل قيود النظام الكلاسيكي (في التأليف الموسيقي) ومضى الملك المتهور تاركا كبرياءه لتقوده لابتهاج كاسح للتضحية بالنظام الموسيقي القديم حتى الجيد منه للحرية الشابة الجيدة (أيضا). لقد اختفت عن مسامع السامعين إلا سمعه الباطني (السري) أو بتعبير آخر إلا من دوي النغمات في أعماقه كل المذابح altars المتناثرة التي كان عليه أن يختار منها والتي كان يجب أن تقف شامخة كالأعمدة التي تحمل الصرح.
لقد بدت الفقرات الموسيقية مفرطة في التكرار والإصرار، وفي بعض السياقات كانت تظهر لحظة من الرقة أو الهدوء ومن ثم ينطلق النغم الصارخ (الفورتيسيمو fortissimo) وكأنما ينبه عالما مجنونا غير مستجيب. لكن الدارس العظيم للموسيقى لا يرى الأمر كذلك، وإنما يرى في هذه الوفرة الموسيقية و"هذا الثراء الموسيقي بساطة في الشكل لا حد لها، وإتقاناً للتفاصيل الموسيقية التي قد تبدو لأول وهلة مربكة حتى نتحقق أنها متسقة مع نتائجها المنطقية … ".