وكان عدد الشعراء كبيراً ولا يزال كثير منهم في ذاكرة الشعب الألماني، لكن من الصعب نقل أشعارهم إلى لغة أخرى أو بلاد أخرى أو زمن آخر غير الزمن الذي قيلت فيه هذه الأشعار، لارتباط كلماتها بالموسيقى وبمشاعر خاصة. وكان فريدريش (فريدريخ) هولندرلين Holderlin (١٧٧٠ - ١٨٤٣) هو الأكثر مدعاة للشفقة منهم، فقد ثبت أن حاسيته الشعرية كانت حادة جداً بالنسبة إلى صحته النفسية والعقلية، ذهب إلى توبنجن Tubingen للدراسة ليصبح واحداً من رجال الدين فكون علاقة صداقة حافزة مع جورج هيجل Hegel الذي كان وقتها قد وضع المسيحية موضع الشك، وراح الفتى يحلم بسعادة البشرية عندما وصلته أخبار الثورة الفرنسية. لقد قرأ روسّو وألف ترانيم الحرية وفي سنة ١٧٩٢ وكان في آخر قرن يحتضر (القرن ١٨) راح يظن أنه رأى فجراً رائعاً لعصر من العدالة والنبالة. وعندما اندلعت الحرب كتب لأخته صَلِّ من أجل الفرنسيين، نَصِيري حقوق الإنسان وعندما غرقت الثورة الفرنسية في الدم تعلّق بحلمه يائساً:
حُبِّي هو الجنس البشري - ولست أقصر بطبيعة الحال هذا الجنس الفاسد المرتشي الذليل التافه الذي غالباً ما نلتقي بأفراده. إنني أحب العظمة والكفاءة حتى لو وُجدت بين شعوب فاسدة. إنني أحب الجنس الذي لم أره بعد، أحب جنس البشر الآتي من القرون القادمة .. إننا نعيش في زمان يتجه فيه كل شيء إلى التحسّن. إنها بذور التنوير حيث تلك الرغبة الصامتة والنضال لتعليم الجنس البشري ..
إن هذا سيكون له ثمار عظيمة. هذا هو الهدف المقدس لرغباتي ونشاطي (عملي) - هو أن أزرع البذور التي ستثمر شجرتها ثماراً ناضجة من جيل آخر غير جيلي.
حتى الماضي كان يسمح له بالحلم، فقد وقع في حب أبطال وإلهة اليونان الكلاسيكية (القديمة) مثله في ذلك مثل معاصره كيتس Keats، فبدأ ملحمة نثرية عن الثوار الإغريق هي ملحمة (هيبريون Hyperion) . وأخذ طريقه إلى يينا Jena فدرس على يد فيشه Fichte وتعلم كيف يحترم كانط وقابل أرباب فيمار عندما كانوا هم أيضاً معجبين بالثقافة الهيلينية. ودبّر له شيلر وظيفة معلّم ومرشد لأحد أبناء شارلوت فون كالب Kalb، وفي سنة ١٧٩٦ وجد