التي كانوا يعزفونها في خمسة أنغام على السلم الهارموني الصغير، لم يكن فيها اتساق في النغم، ولا كان عندهم تمييز بين ما هو صغير وما هو كبير من مفاتيح الموسيقى، ومع ذلك فكل ياباني تقريباً كان يستطيع العزف على آلة من الآلات العشرين التي جاءتهم من القارة الآسيوية؛ ويقول اليابانيون إن أية واحدة من هذه الآلات لو أتقن العزف عليها، استطاعت أن ترقص الغبار العالق بسقف المكان (٥٢)، والرقص نفسه شاع بينهم "شيوعاً لا نظير له في أي بلد آخر"(٥٣) - ولم يكونوا يرقصون على سبيل إتمام مقتضيات الغرام بين عشيقين، بمقدار ما كانوا يرقصون تنسكا في العبادة أو في الحفلات الجمعية؛ فكان يحدث أحياناً أن يخرج أهل قرية بأسرهم، في أبهى حللهم، ليحتفلوا بإحدى المناسبات السعيدة احتفالاً راقصاً يشترك فيه الناس جميعاً؛ وكانت الراقصات المحترفات يجتذبن حشوداً من الجماهير بمهارتهن في الرقص؛ وكنت تجد الرجال والنساء على السواء - حتى في أرفع الطبقات - ينفقون من وقتهم زمناً طويلاً في هذا الفن؛ فتقول "السيدة موراساكي" في قصتها عن "جنجي" إنه حين رقص رقصة "موجات البحر الأزرق" مع صديقته "تونو - شوجو" تحركت العواطف في صدور المشاهدين جميعاً؟ "فلم يشهد أولئك المشاهدون قط في حياتهم أقداماً تطأ الأرض بهذه الرشاقة كلها، ولا شاهدوا رؤوساً قامت على أعناقها بهذا الجلال كله .... كانت هذه الرقصة من عمق التأثير في النفوس ومن جمال الحركات، بحيث اغرورقت عينا الإمبراطور في ختامها، وأجهش الأمراء والسادة كلهم بالبكاء"(٥٤) وقد كان كل من تسعفه ظروفه المالية، يزيِّن نفسه زينةً، لا يكتفي فيها بالوشي الجميل والدمقس المصور بالرسوم، بل يضيف إلى ذلك تحفاً رقيقة هي من الخصائص المميزة لليابان القديمة، بل توشك أن تكون تعريفاً يحدد معناها؛ فكان النساء ينكمشن ليغازلن الرجال من وراء مراوح فتانة الجمال، بينما الرجال يسيرون في خيلاء بما حملوا من سيوف نقشت نقشاً نفيساً، وما علقوا في