وتزوج مرة أخرى (١٨١٢) وراح يكتب بشكل متقطع ولكنه لم ينشر شيئاً بعد سنة ١٨٠٩ فقد أصبح هيجل Hegel في هذه الفترة هو سيد الفلسفة بغير منازع أو بتعبير آخر أصبح هيجل هو نابليون الفلسفة الذي لا يجرؤ أحد على تحدّيه.
وفي سِنِي انحداره راح شيلنج يجد سلواه في الاتجاه الباطني (الصوفية mysticism) وفي شروح وتفسيرات واقعة وراء نطاق الخبرة البشرية للتناقص الظاهري بين إله محبوب (ومُحِب) وطبيعة حمراء الأسنان والمخلب وبين جَبْرية العلم من ناحية وحرية الإرادة (الاختيار) اللازمة للمسؤولية الأخلاقية. وأخذ عن جاكوب بوهم Jakob Bohme (١٥٧٥ - ١٦٤٢) فكرة أنَّ الله نفسه يتنازعه الخير والشر أو بتعبير آخر هو نفسه ساحة معركة بين الخير والشر وعلى هذا فالطبيعة (بدوْرها) تتذبذب بين موقف الكفاح لفرص النظام من ناحية والاستسلام للفوضى (الهيولى chaos) من ناحية أخرى، وفي الإنسان نفسه شيء أساسي غير مقبول عقلياً. لكن في النهاية كما يعد شيلنج قراءهُ سينتهي كل شر وستنجح الحكمة الإلهية لتحويل جرائم البشرية وسخافاتها إلى الخير.
لكن شيلنج لم يعد مرتاحاً لفترة طويلة وهو يرى هيجل يجمع فوق رأسه كل تيجان الفلسفة، ورغم أن شيلنج عاش بعد موت هيجل ثلاثة وعشرين عاماً، إلا أن تلاميذ هيجل ظلوا بعد موته يقسمون بينهم تراث أستاذهم (الديالكتيكية dialectical) بين الشيوعية ورد الفعل. وفي سنة ١٨٤١ وجّه الملك فريدريك وليم الرابع الدعوة لشيلنج لشغل كرسي الفلسفة في جامعة برلين، وكان الملك يأمل أن يستطيع شيلنج المحافظ وقف الاتجاه الراديكالي.
لكن شيلنج لم يستطع جذب تلاميذه واندفعت الأحداث في طريقها للثورة، فكان لابد من التخلّي عن الفلسفة.
ومع هذا فقد كان وردزورث بالفعل قد صاغ أفكار شيلنج الحيّة عن وحدة الوجود في أشعار فخمة، وعزا إليه كولردج - مع استثناءات معينة أهم انتصارات الثورة الكانطية في الفلسفة وبعد موت شيلنج بنصف قرن قال هنري برجسون - باعث المذهب الحيوي من جديد - "إن شيلنج واحد من أعظم الفلاسفة في كل العصور" ولو كان هيجل قد سمع هذا الكلام لاعترض عليه.