هيجل ذي السنوات الأربع. وتقبَّلت زوجة هيجل الوضع بشجاعة وتبنت الطفل وجعلته بين أفراد أسرتها.
ولأن هيجل كان يحلم بمنصب في برلين فقد قبل في سنة ١٨١٦ دعوة من جامعة هايدلبرج Heidelberg ليكون أستاذ الفلسفة الأول بها. وبداً يدرّس لخمسة طلاب، سرعان ما زادوا ليصبحوا عشرين قبل انتهاء الفصل الدراسي.
ونشر وهو في المنصب موسوعة العلوم الفلسفية (١٨١٧)، وكان هذا العمل أكثر مدعاة لإطراء المثقفين وحكومة برلين من عمله السابق (Logik) الذي كان قد سبق نشره في سنة ١٨١٢. وسرعان ما دعاه وزير التعليم البروسي ليشغل كرسي الفلسفة الذي ظل شاغراً منذ موت فيشته (١٨١٤). لقد كان هيجل قد بلغ الآن السابعة والأربعين من عمره، فراح يساوم حتى حصل أخيرا على المكافأة التي طال انتظاره لها والتي عوّضته عّما فات.
لقد طلب بالإضافة إلى الراتب السنوي البالغ ألغى تالر Thaler مبلغاً آخر يعوّض غلاء الأسعار والإيجارات في برلين، ومبلغا للأثاث الذي اشتراه والذي عليه أن يبيعه الآن بثمن أقل من الثمن الذي اشتراه به (أي يبيعه بالخسارة) ومبلغاً كمصاريف انتقال (بدل سفر) إلى برلين مع زوجته وأطفاله، وأكثر من هذا فقد كان عليه أن يحب وفرة بعينها في الإنتاج وكان كل هذا مضموناً ففي ٢٢ أكتوبر ١٨١٨ بدأ هيجل في جامعة برلين تولِّي منصب الأستاذية حتى وفاته. وفي هذه السنوات الثلاث عشرة عُرِفت محاضراته بالغموض لكنها أخيراً أصبحت ذات معان عميقة فكَثُر مستمعوه شيئاً فشيئاً حتى سعى إليه الطلبةُ من مختلف أنحاء أوروبا بل ومن خارج أوروبا. إنه الآن يقدم لنا أكثر النظم الفكرية اكتمالاً وتأثيراً في التاريخ الأوروبي بعد كانط.
٣/ ٢ - المنطق كميتا فيزيقا Logic as Metaphysics
لقد بدأ هيجل بالمنطق - ليس بمعناه الذي نعرفه اليوم كقواعد للاستنتاج، وإنما بمعناه القديم والكلاسيكي كنسبة ratio أو عرض للأسباب والمبادئ أو المعنى الأساسي لأي شيء وما ينطوي عليه من عمليات، وذلك على نحو ما نستخدم مصطلحات مثل الجيولوجيا لنعني