بهما معنى الأرض وما تنطوي عليه من عمليات أو مصطلح البيولوجيا biology لنعني به معنى الحياة وما تنطوي عليه من عمليات أو مصطلح السيكولوجيا psychology لنعني به معنى العقل أو النفس وما تنطوي عليه من عمليات. وعلى هذا فقد كان المنطق بالنسبة إلى هيجل يدرس معنى أيِّ شيء وما ينطوي عليه من عمليات.
وبشكل عام فإنه يترك العمليات للعلم، كما أن العلم يترك المعنى للفلسفة. إنه يقترح أن يحلّل لا الكلمات بطريقة عقلية (للخلوص منها باستنتاجات) وإنما السبب أو العقل أو المنطق في الحقائق realities وسيعطي لمصدر هذه الأسباب اسم الرب أو الله God وهو في هذا يشبه إلى حد كبير الصوفيين (ذوي الاتجاه الباطني) القدامى الذين يجعلون الرب the deity واللوجوس Logos (المبدأ العقلاني) شيئاً واحداً - منطق العالم وحكمته.
فالعقل المدرِك (الواعي) يُضفي معنى للأشياء بدراسة أبعادها في المكان والزمان وعلاقاتها بالأشياء الأخرى المُدركة أو المُتذكَّرة. وكان كانط قد أطلق على مثل هذه العلائق اسم المقولات Categories، وعدَّد منها اثنتي عشرة مقولة رئيسية: الوحدة والتعددّية والكلية وأيضاً الحقيقة والنقيض والقَصْر، والسبب والنتيجة والوجود والعدم، والاحتمال والحتم.
وأضاف هيجل مقولات أخرى كثيرة: الموجود المطلق، والانجذاب والتنافر، والتشابه والاختلاف .. فكل شيء في نطاق خبرتنا هو نسيج معقَّد من مثل هذه العلاقات، فهذه المنضدة - على سبيل المثال - لها مكان خاص، وعمر خاص وشكل خاص وتحمُّل خاص ولون خاص ووزن خاص ورائحة خاصة وجمال خاص، وبدون هذه العلاقات الخاصة تصبح المنضدة مجرد فوضى غامضة تُعطى مشاعر متنافرة منفصلة، أمّا إن وجدت هذه العلاقات استطاعت الحواس إدراكها كموجود (مُدْرَك) موحَّد. وهذا الإدراك في ضوء ما تعيه الذاكرة، وفي ضوء فهم الغرض تُصبح هناك فكرة. ومن هنا فإن العالم - بالنسبة إلى كل منا - هو أحاسيسنا (الداخلية والخارجية) حولتها المقولات (بالمعنى السابق) التي مزجتها إلى أفكار ومُدركات مختلطة بالذكريات ومتأثرة بإرادتنا.