للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمقولات ليست أشياء، وإنما هي طرائق وأدوات للفهم تقدم الشكل والمعنى لأحاسيسنا. إنها المقولات تكون النسق العقلي والمنطق والتكوين والسبب لكل شعور أو فكرة أو شيء. إنها جميعاً تكوِّن المنطق والعقل والأسباب ولوجوس الكون Logos (المبدأ العقلاني)، على وفق فهم هيجل.

والوجود الخالص Pure Being هو أبسط أنواع المقولات وأكثرها كونية فعن طريق الوجود الخالص نحاول فهم خبرتنا - أعني الوجود كما ينطبق على كل الأشياء أو الأفكار دون تخصيص. وكونية Universality هذه المقولة الأساسية هي أنها مقدّرة ومحتومة its fatality: فبافتقادها أي شكل أو سمة لا تستطيع أن تمثل أي شيء موجود، ومن هنا فإن فكرة الوجود الخالص أو الكينونة الخالصة Pure Being هي من حيث نتائجها أو من حيث مفعوليتها مساوية للمقولة المناقضة لها - ونعني بها العدم أو عدم الوجود أو عدم الكينونة أو اللاشيء Nichts، ومن هنا فهما بالفعل (الوجود والعدم) ممتزجان، فما كان غير موجود (غير كائن) يُضاف للوجود (لما هو كائن) Being ويجرّده من لا حتميته أو يجرده من كونه محضاً خالصاً، فالوجود والعدم Being or nonbeing يصبحان على أية حال أمراً سالباً على نحو ما أو تحتوي الفكرة على شيء من السَّلب. أما مقولة الصَيرورة Becoming الغامضة (Werden) فهي المقولة الثالثة، وهي أكثر المقولات فائدة، فبدونها لا يمكن إدراك أي شيء وهو يحدث أو يتخذ شكلاً. وتتبع كل المقولات اللاحقة النسق نفسه أي أنها تظهر من المزاوجة بين الفكرة ونقيضها.

من هذا التلفيق الهيجلي Hegelian Prestidigitation نشأ الكون (مثل آدم وحواء) من اتحاد أو اقتران (بين فكرتين) مما يعيد للذاكرة فكرة العصور الوسطى القائلة بأن الله خلق الكون من اللاشيء (من العدم). لكن هيجل حاجّ بأن مقولاته هذه ليست أشياء، وإنما هي طرائق لإدراك الأشياء، ولجعل سلوكها أو تحركها مُدْركاً أو مفهوماً، ويمكن التنبؤ به غالباً، بل ويمكن أحياناً السيطرة عليه.

لقد طلب منا بعض التقييد (التكييف) في معنى الفكرة ونقيضها (تلك الفكرة المقدسة في المنطق القديم) وهو أن A لا يمكن أن تكون إلا A . حسناً جداً لكن A قد لا تصبح A،