هذه المقدمة متعجلة غير منظمة بعناية ولم تكن جديرة باسم فيلسوف. لقد خاف الرجل العجوز من بلاغة فريز Fries وفصاحته وما يلقاه من استقبال حافل فاستدعى الشرطة ولم يكن آسفاً لقد التفتت الحكومات أخيراً لهذا النوع من الفلسفة لقد كانت الفترة فترة محافظة لا مغامرة.
٣/ ٥ - التاريخ
لابد أن تلاميذ هيجل كانوا يحبونه، فقد عكفوا بعد موته على ملاحظاته notes وأضافوا ما كتبوه في أثناء إلقائه لمحاضراته، ونظموا نتائجه في نسق منطقي، ونشروها باسمه. ومن هنا فقد ظهر لهيجل أربعة كتب بعد موته: علم الجمال Aesthetics وفلسفة الدين وفلسفة التاريخ، وتاريخ الفلسفة. وكانت هذه الأعمال هي أكثر أعماله وضوحاً ففيها أقل قدر من تعقيد الفكر والأسلوب.
فالفكرة الوحيدة التي أدخلتها الفلسفة لدراسة التاريخ وتأمله هي فكرة العقل (التعليل) البسيطة: فالعقل (التعليل) أي منطق الأحداث وقوانينها هي مَلِك العالم Sovereign of the World، وعلى هذا فتاريخ العالم يُقدم لنا عملية عقلية وهنا أيضاً نجد ما هو واقع (ما هو موجود أو ما هو فعلي) هو أيضاً عقلي - إنه النتيجة الوحيدة المنطقية والحتمية لأحداث سبقت antecedents وغالباً ما يتحدث هيجل عن العقل الحاكم Sovereign Reason بمصطلحات دينية لكنه يعرّفه بالمزاوجة بين سبينوزا ونيوتن Newton: العقل هو جوهر الكون، أعني أنه به (أي بالعقل) وفيه (أي في العقل) توجد كل الحقيقة وتعيش ومن ناحية أخرى فهو (العقل) الطاقة المطلقة وغير المحدودة للكون أي أن مقولات المنطق (Logik بالمفهوم الهيجلي السابق) هي الوسائل الأساسية لفهم العلاقات الفاعلة التي تكوّن التركيب النهائي للأشياء، وجوهرها Essence وحقيقتها.
وإذا كانت عمليات التاريخ تعبيراً عن العقل Reason - أي عن القوانين الملازمة لطبيعة الأشياء - فلابد أن هناك منهجاً لمسيرة الأحداث التي تبدو في الظاهر غريبة. ويرى هيجل منهجاً (method) يحكم الأحداث أو مسيرة الأحداث ونتائجها. إن فعل العقل في التاريخ