- كما هو في الفكر - هو فعل ديالكتيكي: كل مرحلة أو حالة هي فكرة (thesis) تحوي نقيضها (antithesis) وتتصارعان معاً (الفكرة والنقيض) لتظهر منهما الجمعية (Synthesis) وعلى هذا فالحكم المطلق يحاول قمع الرغبة الإنسانية في الحرية، فيقوم الراغبون في الحرية بثورة، فتكون النتيجة (الجمعية Synthesis) ملكية دستورية.
أهناك إذن خطة عامة أو كلية وراء مسيرة التاريخ؟ لا، إن كان هذا يعني قوة عليا واعية تقود كل الأسباب والجهود للوصول إلى هدف محدد، ونعم إذا كان المقصود أن المجرى العريض للأحداث كالتقدم في مضمار الحضارة إنما يحركه عقل كلي total of Geist or mind لتقريب الإنسان شيئاَ فشيئاً لهدفه الذي استغرقه (تشربه أو كمن فيه) ألا وهو الحرية من خلال العقل Reason. لا حرية من from القانون وإنما حرية من خلال through القانون (رغم أن الحرية من القانون قد تأتي إن وصل الذكاء البشري إلى منتهاه أي إلى ذروة تطوره)، وعلى هذا فتطور الدولة يمكن أن تكون هبة للحرية. وهذا التقدم نحو الحرية ليس مستمراً لأنه في ديالكتيك التاريخ (الديالكتيك بالمعنى الهيجلي السابق) هناك تناقضات يتعين حلها، ومعارضات يتعين تحويلها لتندمج مع غيرها وتباينات مندفعة بعيدة عن المركز يتعين جذبها إلى مركز واحد بحكم طبيعة العصر أو جهود بشر غير عاديين.
هاتان القوتان (الزمن والعبقرية) هما مهندسا التاريخ وعندما يعملان معاً تكون لهما قوة لا تُقاوم. واعتقد هيجل - مستوحياً أفكار كارليل Carlyle - في الأبطال وفي عبادة الأبطال. والعباقرة ليسوا بالضرورة طاهرين أخلاقياً، رغم أن من الخطأ أن نتصورهم أنانيين، فنابليون لم يكن مجرد غاز يغزو لمجرد الغزو، فقد كان - سواء كان واعياً بذلك أم لا - ممثلاً لأوربا في توقعها للوحدة وحاجتها لقوانين متماسكة لها طابع الدوام. لكن العبقرية تصبح بلا مُعين لها إذا لم تتمثل روح العصر ومتطلباته (سواء كان العبقري واعياً بذلك أم لا)"فالعباقرة لهم بصيرة نافذة بمتطلبات العصر - أو بتعبير آخر أنهم يدركون ما الذي نضج ووصل لمرحلة القابلية للتطوير".
هذا هو الأكثر فائدة لعصرهم وعالمهم، أن يدركوا ما هو الذي تشكل فعلاً في رَحِم الزمن إذا اعتلى العبقري هذه الموجة (مثل جاليليو وفرانكلين وجيمس وات) سيصبح قوة دافعة للتطور حتى ولو سبب بؤساً لجيل كامل،