بمزيد من الانسحاب (أمره بالانسحاب إلى مناطق داخلية أبعد)
وعالج نابليون التوقَّف عن المطاردة بأن جعل من سمولنسك Smolensk مركزاً حصيناً في وسط روسيا وقضى الشتاء هناك وحافظ على خطوط مواصلات - تحميها قواته - مع غرب أوربا، لكنه الآن قد وجد نفسه في موقف غير متوقع بالمرّة: جيشه عير منضبط بسبب الانقسامات العرقية (لم يكن جميع أفراده من الفرنسيين) وانهيار النظام فيه حتى أنه - أي نابليون - وجد أكثر أماناً أن يواصل المسيرة حيث يؤدي الخوف من هجوم العدو إلى تماسك جيشه. لقد قال للجنرال سيباستياني Sebastiani: " هذا الجيش لا يمكن أن يتوقف الآن .. فالحركة وحدها هي التي تجعله على قلب رجل واحد. إن المرء يمكنه أن يتقدم على رأسه، لكن دون توقف أو تراجع" وعلى هذا فبعد منتصف ليلة ٢٥ أغسطس بقليل - أي بعد أسبوع واحد من الاستيلاء على المدينة - غادرها بجنوده في طريق حار ومترب إلى فيازما Viazma وجازهاتسك Gzhatsk … وموسكو - التي تبعد مسيرة ثلاثة أسابيع. وكان مورا Murat على رأس قوات الخيّالة (الفرسان) قد راح يرفع الروح المعنوية لقواته بطيش مرح بأن راح - وقواته - يحاربون للخلف (يتراجعون) لمواجهة أي هجوم من مؤخرة الجيش الروسي المنسحب. وقد وصفه نابليون في وقت لاحق:
"إنه لا يكون شجاعاً إلاّ في حضور العدو، وفي هذه الحال تجده أشجع رجل في العالم. لقد أدت به شجاعته الطائشة (المتهوّرة) إلى وضع نفسه وسط الأخطار. لقد كان وقتها مُثقلاً بالذهب والريش فوق رأسه فبدا كبرج الكنيسة. لقد نجا باستمرار - كما لو كان ذلك بفعل معجزة - لأنه كان معروفاً بلباسه. لقد كان هدفا دائماً للعدو، واعتاد القوزاق الإعجاب به بسبب شجاعته المدهشة".
وفي الخامس من سبتمبر، وبينما كان الجيش الفرنسي يقترب من بورودينو Borodino (لازال هناك خمسة وسبعون ميلاً للوصول إلى موسكو) وصلت طليعة الجيش إلى قمة تل فرأوا في السهل أمامهم منظراً أبهجهم وأحزنهم: مئات من المتاريس والحواجز الدفاعية المكتملة يمكن أن تختفي وراءها المدافع، وإلى الأبعد من السهل حيث يلتقي نهرا كالاشا Kalacha وموسكفا Moskva آلاف الجند. من الظاهر أن كوتوزوف Kutuzov قرر المواجهة.