للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم غطيت بغشاء سميك من الذهب؛ وإن الأجنبي عن اليابان ليعجب لتمثال بوذا "وايبوستو" القائم في "كاماكورا"، أكثر مما يعجب لذلك التمثال الكئيب العابس في "نارا" وتمثال "وايبوستو" هذا مصبوب من البرونز تم صنعه سنة ١٢٥٢ على يدي "أونوجرينمون"، ولعل ما يجعل حجم هذا التمثال مناسباً للغاية منه، كونه جالساً على مرتفع في الفضاء المكشوف، محوطاً بمنظر جميل من الشجر، فضلاً عن أن الفنان هنا قد عبر ببساطة تدعو إلى العجب، عن روح بوذا في تأمله وسكينته؛ وكان هذا التمثال بادئ الأمر قائماً في معبد - كما هي الحال اليوم في التمثال القائم في "نارا" - لكن حدث في سنة ١٤٩٥ أن اجتاحت المكان موجة من البحر، فاكتسحت المعبد والمدينة جميعاً، تاركة فيلسوفنا البرونزي هادئاً وسط هذا الخراب الشامل، وما ملأ الأرض حوله من عذاب وموت، كذلك شيد "هيديوشي" تمثالاً ضخماً في كيوتو، ولبث خمسون ألف رجل يعملون مدى خمسة أعوام في إقامة هذا التمثال لبوذا؛ بل كان الحاكم العظيم نفسه يتلفع أحياناً بثوب عامل بسيط، ويعاون العاملين في إقامة التمثال معاونة كبرى؛ لكنه لم يكد يتم بناؤه، حتى زلزلت الأرض سنة ١٥٩٦ فألقت به على الأرض هشيماً، ونثرت حطام جزئه الداخلي الذي كان مفروضاً أن يكون حرماً وموئلاً، نثرتها حول رأسه؛ ويروى في اليابان أن "هيديوشي" رمى الصنم المحطم بسهم قائلاً في ازدراء: "لقد أقمتك هاهنا بباهظ النفقات، فلم تستطع حتى حماية معبدك" (٦٥).

في هذا المدى الذي يتفاوت فيه الحجم: من أمثال هذه التماثيل الضخمة إلى المدليات (النتسوكا) الصغيرة، تناول النحت الياباني كل ضروب الأشكال في شتى ضروب الأحجام: فأحياناً ترى سادة هذا الفن - مثل "تاكامورا" في يومنا هذا - ينفقون أعواماً من العمل المتصل في صناعة تماثيل لا تكاد