بوجود هذه البعقة المناسبة في ستدنكي Studenki إلى الشمال من بوريسوف Borisov بتسعة أميال. وراح المهندسون ومساعدوهم يعملون طوال يومين في مياه متجمّدة، وغرق عدد منهم بسب انخداعهم بالجليد الطافي فوق مياه غير متجمدة، لكن في الساعة الواحدة بعد الظهر في ٢٦ نوفمبر اكتمل إنشاء أحد الجسرين وبدأ الجيش في العبور فوقه، وبحلول الساعة الرابعة كان الجسر الثاني يحمل فوقه المدفعية والأحمال الثقيلة، وانتظر نابليون وجنرالاته حتى وصل معظم الجنود للشاطئ الغربي ومن ثم عبروا تاركين قوة بقيادة فيكتور Victor لحماية نحو ٨،٠٠٠ من غير المقاتلين سيعبرون بعد ذلك. وقبل تمام نجاح هذه العملية الأخيرة خطط الروس لهجوم على طول جانبي النهر لكن قوات فيكتور وأودينو وني Ney تصدّت لهم.
لقد راح نابليون ينظم العبور والمقاومة في آن واحد وسط آلاف الرجال الذين يناضلون ليبقوا على قيد الحياة. وانكسر الجسر مرتين، وغرق مئات وفي هذه الأثناء كانت مدفعية ويتجنشتاين Wittgenstein تمطر قذائف على الآلاف الأخيرة التي تزاحمت للعبور، وفي ٢٩ نوفمبر أمر نابليون المهندسين العسكريين بتدمير الجسرين، تاركاً مئات من غير المقاتلين يبحثون عن فرصة للعبور. وكان هدف نابليون من تدمير الجسرين تعويق قوات ويتجنشتاين عن ملاحقته ومنع وصول قوات كوتوزوف. وباختصار كان عبور بيريزينا Berezina هو أكثر ذرى البطولة طوال ستة أشهر أساء فيها أحد أعظم الجنرالات في التاريخ - تقدير الأمور على حقيقتها.
واستمرت المأساة طوال مسيرة من بقي على قيد الحياة من الجنود الفرنسيين نحو الغرب، لقد هبطت درجة الحرارة ثانية إلى ما دون درجة التجمّد، لكن كان لهذا ميزة واحدة إذ سمح بالانتقال فوق المستنقعات المتجمدة فقصّر المسافة إلى فيلنا Vilna. ولأن الخوف من القوزاق والفلاحين المعادين قلّ، فقد تضاعف عدد الهاربين واختفى النظام.
ورأى نابليون أن من تبقى معه لم يعودوا في حاجة ماسة له، فوافق على نصيحة مورا Murat بالعودة إلى باريس مخافة أن تستسلم فرنسا لثورة أخرى، وعند توقفه في مولودشنو Molodechno وهي محطة التوقف الرئيسية التالية تلقّى مزيداً من التفاصيل عن أمور مال Malet. لقد انتهى هذا المغتصب لكن السهولة التي خدع بها المسئولين دلّت على استرخاء