الحكومة التي لم تعد مؤمنة بنابليون الذي غاب غياباً طويلا وربما انتهت حياته السياسية بل وربما مات. لقد راح اليعاقبة والملكيون، فوشيه وتاليران يتآمرون لخلعه.
وكي يعيد ترسيخ نفسه ويبعث اليقين في الشعب الفرنسي من جديد أرسل من سمورجوني Smorgonie في ٥ ديسمبر النشرة رقم ٢٩ التي كانت تختلف عن سابقاتها إذ كان غالبها يحوي حقائق صادقة. تقول النشرة إن الفرنسيين قد انتصروا في كل معركة واستولوا على كل مدينة مروا بها وحكموا موسكو إلاّ أن قسوة الشتاء الروسي التي لا ترحم قد دمّرت هذا المشروع العظيم وألحقت الألم والموت بالفرنسيين المتحضرين الذين اعتادوا العيش في مناخ متحضر. وأشارت النشرة إلى خسارة في الرجال بلغت ٥٠،٠٠٠ لكنها أشارت بفخر لقصَّة تخلص ني Ney من ملاحقة كوتوزوف وقدَّمت عبور نهر بيريزينا من جانبها البطولي لا المأسوي وانتهت النشرة بعبارة ذات مغزى وكأنها تحذير لأعداء نابليون: "إن صحّة عظمته لم تكن في يوم من الأيام أفضل مما هي عليه الآن". ومع هذا فقد كان هو منزعجاً.
لقد قال لكولينكور:"إنني استطيع أن أحكم قبضتي على أوربا من التوليري وحده" واتفق معه يوجين ومورا Murat ودافو. ونقل قيادة الجيش المتحرك إلى الملك مورا وأخبره أن يتوقع مؤناً وتعزيزات من فيلنا Vilna. وفي وقت متأخر من مساء الخامس من ديسمبر غادر (أي نابليون) سمورجوني Smorgonie قاصداً باريس.
لقد تقلّصت القافلة إلى ٣٥،٠٠٠ وغادرت في اليوم التالي قاصدة فيلنا التي تبعد ستة وأربعين ميلاً. الآن انخفضت الحرارة إلى ٣٠ درجة فهرنهيت تحت الصفر وكانت الرياح على حد تعبير جندي بقي على قيد الحياة تمزق اللحم والعظم. وعندما وصلوا إلى فيلنا (٨ ديسمبر) اندفع الجنود الجياع في فوضى لا حدَّ لها نحو المؤن التي تنتظرهم وضاع طعام كثير وسط الفوضى. وواصلوا مسيرتهم وفي ١٣ ديسمبر وعند كوفنو Kovno عبروا نهر النيمن نفسه وكان عددهم ٣٠،٠٠٠، بينما شهدهم النهر وقد بلغ عددهم ٤٠٠،٠٠٠ يعبرون في شهر يونيو، هنا وعند تيلسيت وعند بوزن Posen سلّم مورا القيادة ليوجين (١٦ يناير ١٨١٣) خائفاً - هو بدوره - على عرشه وأسرع عبر أوربا إلى نابلي. أما يوجين البالغ من العمر ثلاثين عاماً فكان ذا خبرة رغم شبابه، فتولى مسؤولية ما تبقى من الجنود وقادهم