وربما يكون نابليون قد أَثْناها عن القدومِ إليه لاعتزامه الانتحار. لقد لاحظنا فيما سبق أن الدكتور يفا Yvan قد أعطاه قنينة سُم عند عودته من روسيا، وفي ليلة ١٢ - ١٣ أبريل ابتلع محتويات القنينة، ويبدو أن السّم كان قد فقد مفعوله فعانى نابليون لكنه شفي واعتراه الخجل كثيراً لهذا، فراح يبرر استمرار وجوده على قيد الحياة بأن اقترح على نفسه كتابه سيرته الذاتية التي تقدم القصة من وجهة نظره والتي تحتفي بأعمال الشجعان الذين قاتلوا معه Mes braves.
وفي ١٦ أبريل كتب وداعاً لجوزيفين: لا تنسِ هذا الذي لم ينسَكِ ولن ينساكِ أبدًا. وماتت جوزيفين بعد ذلك بشهر (٢٩ مايو)، وفي ١٩ أبريل ودّع خادمه الخصوصي كونستانت (قسطنطين) وحارسه الشخصي روستا Roustam (النص مملوكة Mameluke) وفي ٢٠ مايو ودّع جنود حرسه القديم الذين كانوا قد بقوا معه إلى النهاية:
أيها الجنود وداعاً، فطوال عشرين عاماً كنا فيها معاً كان تصرفكم مثالياً محققاً لكل رغباتي. لقد كنت أجدكم دوماً على طريق العظمة .. فبكم وبالرجال الشجعان الذين لا زالوا مخلصين كان يمكنني أن أقود حرباً أهلية لكن فرنسا ساعتها لن تكون سعيدة. إذن كونوا مخلصين لملككم الجديد، وكونوا مُطيعين لقادتكم الجُدد ولا تتخلوا عن وطنكم المحبوب.
لا تندبوا حظِّي، فسأكون سعيداً إذا علمت أنكم سعداء. ربما مِتُّ .. لكنني إن كنت قد رضيت بالحياة فليس إلاّ لاستجلاء مزيد من عظمتكم. سأكتب عن الأمور العظيمة التي حققناها.
لا أستطيع أن أعانقكم واحداً واحداً، لكنني سأعانق جنرالكم تعالَ يا جنرالي لأضمك إلى قلبي. أحضر لي العُقاب (النسر) لأعانقه أيضاً (النسر هو شعار الحرس). آه يا عقابي (نسري) العزيز، ربما تجد هذه القُبلة التي أقدمها لك - صداها لدى الأجيال القادمة. وداعاً يا أولادي، سيتمنى لكم قلبي دوماً أحسن الأماني. لا تنسوني!.
واختار أربعمائة من الحرس ليصطحبوه إلى جزيرة إلبا. ودخل العربة مع الجنرال بيرتران Bertrand الذي سيظل معه إلى النهاية وصحبه أربعة من ضباط الحلفاء للتأكد من غرضه -